NORTH PULSE NETWORK NPN

قرى جبل الدروز في إدلب … معاناة متزايدة وتهميش مستمر

إدلب / نورث بالس

جبل يشتمل على جبال وقرى من أنزه البقاع وأعجبها، وأحسن الأماكن وأطيبها، وفيه من الأبنية الرومية والآثار والفواكه الحسنة، والثمار ما يتجاوز الوصف، ويسر النفس، ويقر الطرف ،وقراه قرى نزهة عامرة، وفي بعضها ماء نبع وعيون .

هذا ما جاء في وصف جبل السماق في كتاب “بغية الطلب في تاريخ حلب” ، وهو جبل يقع في ريف إدلب الشمالي بالقرب من الحدود السورية التركية تسكنه غالبية من طائفة الموحدين الدروز، ويعرف أيضاً باسم ” جبل الدروز” ، لكن يبدو أن حال هذا الجبل تغيّر كثيراً عن سابق عهده، كما تغير معه حال ساكنيه .

وتزداد معاناة أهالي جبل السماق يوماً بعد يوم، في ظل تردي الواقع الخدمي والطبي والتعليمي ،بالإضافة إلى تهميش الجهات المسؤولة والمنظمات الإنسانية.

ومنذ بداية الأحداث في سوريا يعاني سكان الجبل من نقص حاد في مياه الشرب  بسبب توقف مشروع نبع الفوار بمدينة حارم شمال إدلب، وذلك بعد سرقة المحركات ومعداتها، حيث كان المشروع قبل ذلك يوفر مياه الشرب لقرى المنطقة بأكملها ، ونتيجة للطبيعة الجبلية تكون عملية حفر الآبار الجوفية مكلفة وشاقة للغاية ، وعزوف المنظمات الإنسانية عن تلبية نداءات الاستغاثة التي أطلقها أهالي الجبل مراراً وتكراراً .

وأفادت مصادر محلية أن منظمة “شفق” تراجعت عن مشروع حفر عدة آبار في قرى الجبل بعد موافقتها المبدئية على المشروع لأسباب لم تفصح عنها المنظمة .

وأكّدت المصادر أن قرى الجبل والتي تضم 12 قرية ويبلغ عدد سكانها ما يقارب 30 ألف نسمة بين نازح ومقيم، تعاني بأكملها من شح المياه، وصعوبة تأمين مياه الشرب، وأن الأهالي لم يعودوا قادرين على تحمّل شراء المياه ونقله من مناطق أخرى إذ تجاوز سعر صهريج المياه الواحد  50 ليرة تركية.

ومن جهة أخرى فإن الواقع الطبي سيء جداً، إذ لا وجود لمراكز طبية قادرة على استيعاب المرضى ، فضلاً عن غياب الأطباء المختصين ، فيضطر سكان الجبل إلى الذهاب إلى البلدات والقرى القريبة من الجبل متحملين مشقة السفر وتكاليف العلاج .

كما أن الواقع التعليمي ليس أخف وطأة من غيره ، إذ تعاني المدارس في قرى الجبل من نقص كبير في الغرف الصفية، وذلك بعد الازدياد الكبير في عدد الطلاب بعد نزوح مئات العائلات إلى قرى الجبل من ريفي حماة وإدلب الجنوبي .

وفي حديث لـ ” نورث بالس” قال عضو المجلس المحلي الموحد لقرى الحبل ” لؤي الشبلي ” إن معاناة أهالي الجبل تتفاقم دون أي بارقة أمل من قبل الجهات المسؤولة أو المنظمات الإنسانية للمسارعة في حل المشاكل والصعوبات التي يعاني منها أهالي الجبل .

وأكد “الشبلي” أن المجلس المحلي وأهالي الجبل يطالبون بشكل مستمر السلطات المسؤولة المتمثلة بما تسمى بـ ” حكومة الإنقاذ” المشكلة من قبل هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً) بتحسين الواقع الخدمي والطبي والتعليمي لقرى الجبل، كما أنهم ناشدوا المنظمات الإنسانية العاملة في إدلب، لكن حتى الآن لم يتغير شي على الأرض .

ومن ناحية أخرى قامت هيئة تحرير الشام منذ سيطرتها على إدلب على بتشييد مسجد في كل قرية من قرى الجبل، وفرضت الحجاب الشرعي على نساء الجبل ، الأمر الذي دفع الكثير من الأهالي إلى إرسال أبنائهم إلى مناطق سيطرة حكومة دمشق لاستكمال تعليمهم الجامعي، خوفاً من استفزازات عناصر هيئة تحرير الشام.

وتقوم هيئة تحرير الشام بإقامة جلسات دعوية وتنويرية بشكل مستمر، لاستقطاب الشباب للانضمام إلى صفوفها، كما أقامت عدداً من الثكنات العسكرية، والمعسكرات التدريبية في قرى الجبل مستغلة تحييد حكومة دمشق قرى الجبل من قصف قواتها.

ويذكر أن جبل السماق استقبل منذ بداية الأحداث في سوريا ما يزيد عن 20 ألف نازح ، ويشتهر سكان الجبل ببساطتهم وطيب المعشر والتمسك بالعادات والتقاليد ، ويعرفون بالكرم والضيافة ، وربما كانوا من الفئات الأكثر تضرراً منذ بداية الأحداث في سوريا.

وتعيش معظم طوائف الأقليات في منطقة إدلب واقعلً مأساوياً بسبب التهميش المتعمد من قبل”هيئة تحرير الشام” وحكومتها”الإنقاذ” كما هو حال قرى الكردية في ريف إدلب الغربي مثل قرية “الكفير” الواقعة بالقرب من جسر الشغور التي يعش سكانها أيضاً واقعاً مريراً بسبب انعدام سبل الحياة الكريمة وتردي الواقع الصحي والخدمي والتعليمي في هذه القرية.

إعداد: أيمن عبدالرزاق

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.