NORTH PULSE NETWORK NPN

“زيو”.. من طقوس الكرد في التضرع إلى الله طلباً للغيث

نورث بالس

يذخر التاريخ الكردي بالعديد من الطقوس الدينية والروحية التي يتضرعون فيها إلى الله من أجل إرسال الغيث عند انحباس الأمطار، على غرار صلاة الاستسقاء.

حيث يبلغ عادة معدل الهطول المطري وسطياً في شمال سوريا حوالي 420 ملم سنوياً. ولكن رغم مرور أكثر من شهر على الدخول في فصل الشتاء إلا أن الأمطار لم تهطل سوى أيام قليلة وبهطولات مطرية قليلة جداً خلال العام الجاري.

ويعتمد سكان المنطقة على الأمطار في الزراعة البعلية، إذ تنتشر زراعة القمح والشعير والبقول مثل العدس والحمص وبعض المحاصيل الطبية والعطرية مثل الكمون والكزبرة في المنطقة، وتزرع غالبية المساحات الزراعية بعلاً.

وأدى انحباس الأمطار إلى خشية المزارعين من الخسارة، في حين أن المساحات المزروعة بعلاً يكاد يصيبها الجفاف وبالتالي تعرض المحصول للأمراض والأوبئة وخسارة المحصول في المحصلة.

وفي هذا السياق يقول المزارع أحمد سلمان في ريف مدينة الدرباسية شمال سوريا، إن عدم هطول الأمطار حتى الآن يزيد من احتمالية عدم الحصول على إنتاج جيد يغطي تكاليف الزراعة وبالتالي خسارة المزارعين في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها سوريا والعقوبات المفروضة عليها.

في حين يرى المزارع جمال العلي من مدينة عامودا، إن عدم هطول الأمطار يهدد بإتلاف محصول القمح الذي زرعه، وهذا يعني بالنتيجة خسارته، ولكنه لم يقطع الأمل بإمكانية هطول الأمطار ونجاة الموسم الزراعي هذا العام.

في حين لفت المزارع لزكين عارف من مدينة القامشلي، إن الموسم كان وفيراً خلال العامين الماضيين، وقال: “قبل موسمين كان الانتاج وفيراً ولكن المزارعين خسروا موسمهم بسبب الحرائق المفتعلة”، وأضاف: “في الموسم الماضي كان الانتاج وفيراً في شمال وشرق سوريا وتم اتخاذ الإجراءات الضرورية لمنع الحرائق المفتعلة”.

ولم يخفِ عارف خشيته من عدم هطول الأمطار بكمية كافية هذا الموسم وبالتالي تدني الإنتاج.

ومن المعلوم أن الإنسان حين يفقد القدرة على إيجاد الحلول على الأرض، يلجأ متضرعاً إلى السماء، لذا ومن أجل الدعاء لله والتضرع له لإرسال الغيث، تنتشر في المناطق الكردية من شمال وشرق سوريا طقس يطلق عليه اسم زيو “Zêw” يعتبر من موروثات المجتمع الكردي منذ آلاف السنين.

ويقوم الأهالي فيه عادة بإعداد أنواع مختلفة من الأطعمة، ويتوجه كل فرد من العائلة حاملاً الطعام الذي تم إعداده إلى ساحة عامة في القرية أو الحي، ويتجمع حولها الأهالي والأطفال، ويبدؤون بالدعاء والتضرع إلى الله والدعوة بهطول الغيث.

ثم يحمل الأطفال مجسماً على شكل طفل، ويجوبون على المنازل ويطرقون الأبواب ويدعون ويقولون “يارب أن يهطل المطر وتخضر أرض الله”. ثم تخرج ربة البيت وترش بعض الماء على الأطفال كنوع من طقوس طلب الرحمة والمطر من الله.

وبعد الانتهاء من الأدعية، يجلس الأطفال إلى المائدة الموضوعة ويتناولون الطعام.

ولإحياء هذا الطقس، اجتمع أهالي حي زيتونية في مدينة القامشلي، في ساعات المساء من يوم أمس السبت، وبدأ سكان الحي بتجميع الطعام في إحدى ساحات الحي، وتم دعوة جميع الأطفال الذين بدأوا بالدعوة لله من أجل إرسال الغيث.

وفي هذا السياق قالت المواطنة كردستان عمر من حي زيتونية: “قمنا بالتجهيز لطقس زيو من أجل أن يرسل الله المطر كي تنبت الأرض ما بداخلها ولتكون رحمة للعالمين”.

وتمنت كردستان عمر أن يتحقق جميع أمنياتهم خلال العام الجديد وخصوصاً دعاء الأطفال باعتبارهم أبرياء وأنقياء القلب الذين تجمعوا للمشاركة في هذا الطقس، معبرةً عن أملها بهطول الأمطار الوفيرة هذا العام.

 

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.