NORTH PULSE NETWORK NPN

حان الوقت لدولة كونفيدرالية فلسطينية – إسرائيلية

الحل الأكثر عملية هو دولة ديمقراطية موحدة تقدم مواطنة متساوية للجميع على نمط “شخص واحد، صوت واحد” يكون الفلسطينيون والإسرائيليون فيها في دولة موحدة اعتمادا على سوابق تاريخية مثل جنوب أفريقيا.

 

تقديرات الأمم المتحدة أكدت أن حرب إسرائيل على غزة قادت إلى تشريد أكثر من 1.8 مليون شخص منذ 9 أكتوبر 2023. وسجلت وزارة الصحة في القطاع الذي تديره حماس أن حصيلة القتلى بلغت حوالي 22 ألف شخص حتى 2 يناير 2024، وكان معظم الضحايا من النساء والأطفال. وكانت هجمات حماس المفاجئة على إسرائيل في 7 أكتوبر في المقابل سببا في مقتل 1200 شخص.

 

وأتاحت الحرب الوحشية للإسرائيليين والفلسطينيين والولايات المتحدة وللاعبين العالميين والإقليميين والمحليين الساعين للسلام فرصة للتقدم نحو حل الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني.

 

وكتبت منظمة الشيوخ التي أسسها نيلسون مانديلا، وهي منظمة دولية غير حكومية للشخصيات العامة، في رسالة مفتوحة إلى الرئيس الأميركي جو بايدن في نوفمبر 2023 جاء فيها “أمامك فرصة تاريخية للمساعدة في إنهاء الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني بشكل دائم. ومع تزايد الاستقطاب، يحتاج العالم أن تضعوا رؤية للسلام…تمنح الأمل لأولئك الذين يرفضون التطرف ويريدون إنهاء العنف. نحثكم على القيام بأمرين: وضع خطة سلام جادة، والمساعدة في بناء تحالف جديد من أجل السلام لتحقيقها”.

 

اليوم توجد ثلاثة نهايات للصراع الإسرائيلي – الفلسطيني. يمكن للإسرائيليين والفلسطينيين أن يقتل بعضهم بعضا، أو يمكنهما الانفصال عن طريق إنشاء دولتين منفصلتين، أو يمكنهما إنشاء أمة واحدة مكونة من شعبين.

 

بايدن من جانبه أكد في 1 نوفمبر 2023 وجوب توفر رؤية مستقبلية بمجرد انتهاء الأزمة. واعتبر أن السبيل الوحيد سيكون حل الدولتين، يؤسس دولة فلسطينية ذات سيادة إلى جانب دولة إسرائيل.

 

وكان الرئيس الفلسطيني محمود عباس قد دعا في 8 ديسمبر 2023 إلى إنهاء الحرب في غزة وعقد مؤتمر دولي للسلام للتوصل إلى حل سياسي دائم يضمن إقامة دولة فلسطينية.

 

حل الدولتين هو اليوم الخيار الوحيد المناقش بعمق. ويقوم على تقسيم الشعبين إلى دولتين منفصلتين وذاتي سيادة. واستندت عملية السلام خلال إدارة بيل كلينتون (اتفاق أوسلو) وإدارة جورج بوش (خارطة الطريق) إلى حل الدولتين هذا، لكنها انتهت بالفشل التام. واتبعت إدارة باراك أوباما نفس النهج الذي خطته الإدارات الأميركية السابقة، ولم يقترب هذا الجهد من تحقيق النتيجة المرجوّة أيضا. وربما يكمن سبب فشل محادثات السلام في الحل نفسه وليس الأطراف المعنية.

 

قبول عواقب إنشاء دولتين منفصلتين عن طريق تقسيم إسرائيل وفلسطين كان ولا يزال صعبا في نظر الإسرائيليين والفلسطينيين. وتتغير وجهات النظر أكثر مع استمرار الحرب بين إسرائيل وحماس. وعبّر رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو خلال مؤتمر صحفي في 16 ديسمبر 2023 عن “اعتزازه” بمنع إقامة دولة فلسطينية وأشاد بنفسه لوقفه عملية أوسلو للسلام.

 

وبينما يرى العديد من الإسرائيليين أن حل الدولتين صعب لأنهم سيضطرون إلى التخلي عن ارتباطاتهم الدينية والتاريخية بالضفة الغربية وغزة التي يسمونها يهودا والسامرة، يرى الفلسطينيون الأمر كذلك لارتباطاتهم التاريخية والدينية والعاطفية بالضفة الغربية وغزة وأجزاء من إسرائيل التي يسمونها أراضي 1948. وتجمع الطرفين بالفعل روابط دينية وتاريخية وعاطفية بكل متر من الأرض التي تشمل إسرائيل وفلسطين.

 

وفي ظل هذه الجذور التي تربط الطرفين بنفس المنطقة، لا يكمن الحل في الانفصال بل في التقارب. ويبدو العديد من الإسرائيليين والفلسطينيين متفقين على أن الأرض غير قابلة للتجزئة.

 

ويكمن الحل لهذا في الحفاظ على الأرض التي يسميها الإسرائيليون والفلسطينيون وطنا دون تقسيم مع توفير الأمن والفردية لكل جانب كما لو كانا كيانين منفصلين.

 

وبما أن السكان الفلسطينيين والإسرائيليين مختلطون ويعيش حوالي 1.8 مليون فلسطيني في جميع أنحاء أراضي إسرائيل، تبدو فعالية قيام دولة ثنائية القومية، يعيش فيها الشعبان في نوع من الاتحاد، قابلة للتطبيق. ويبدو الحل الأكثر عملية هو دولة ديمقراطية موحدة تقدم مواطنة متساوية للجميع على نمط “شخص واحد، صوت واحد”. وسيكون الفلسطينيون والإسرائيليون في دولة موحدة، بالاعتماد على أمثلة سوابق تاريخية مثل جنوب أفريقيا وأيرلندا الشمالية.

 

لذلك يصبح حل “دولتين – أمة واحدة” على أساس المساواة والحرية والحقوق المدنية لكل من الإسرائيليين والفلسطينيين النهج الأكثر عملية وملاءمة لحل الصراع بين فلسطين وإسرائيل. وتقوم الفكرة على دولتين ذات سيادة على غرار ولايتي نيويورك ونيوجيرسي وتشكلان معا أمة واحدة مماثلة للولايات المتحدة. لكنهما ستشكّلان كونفيدرالية وليس اتحادا. والفرق الرئيسي بين الاتحاد الفيدرالي والكونفيدرالية هو أن الولايات تتمتع في الكونفيدرالية بسيادة أكبر من نظيراتها في الاتحاد.

 

وينبغي التفاوض على الحل المقترح القائم على دولتين وأمة واحدة من خلال نموذج ديمقراطي يعتمد منتديات تفاوضية عامة متعددة الأطراف لإجراء المحاورات. وسيستبعد المنتدى أيّ طرف لم ينه (أو يعلق على الأقل) جهوده لتحقيق أهدافه السياسية بتسليط العنف على الآخر. ونجح اعتماد النموذج الديمقراطي في المحادثات التي أدت إلى نهاية الفصل العنصري في جنوب أفريقيا في مطلع تسعينات القرن العشرين، وأنهى الاضطرابات في أيرلندا الشمالية في أواخر نفس العقد.

 

قد لا يكون هذا الحل مثاليا لكنه قد يكون الوحيد الذي سيمنح الفلسطينيين والإسرائيليين جل ما يريدون، مع تمكين الشعبين من الحفاظ على هويتهما الفردية والعيش أمة واحدة. ويوفر احتمال قيام دولة ديمقراطية موحدة التكامل والأمن والتنمية ونمط حياة أكثر ملاءمة للعالم الحديث.

 

ولادة الديمقراطية غير العنصرية في جنوب أفريقيا وتنفيذ ترتيب تقاسم السلطة في أيرلندا الشمالية يدعمان الاعتقاد بأن التقسيم ليس هو الحل الحتمي أو الحل المرغوب فيه للصراع. وليست الرؤية المقترحة لدولتين وأمة واحدة مرغوبة فقط، بل تبقى حلا قابلا للتحقيق لإنهاء الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي.

 

ويمكن أن تنتج المعرفة الإسرائيلية التقنية، ورأس المال المتاح في العالم العربي، والموقع الجغرافي الإستراتيجي الذي يقع عند تقاطع ثلاث قارات قوة اقتصادية متفوقة على أساس نصيب الفرد. وسيمكّن هذا الحل جميع شعوب الشرق الأوسط من التمتع بالسلام والاستقرار والأمن الكامل.

 

يصعب بالطبع رؤية إمكانية حل دولتين وأمة واحدة في ظل الحرب المستمرة بين إسرائيل وحماس. وسيُقتل الكثير قبل أن يحدث ذلك. لكن هذه الحرب ستنتهي مثل كل الحروب التي سبقتها.

 

سيشرق يوم جديد بعد هذه الحرب. وقد حان الوقت لذلك لوضع حد نهائي لهذا الصراع المستمر منذ قرن بين الفلسطينيين والإسرائيليين.

 

المصدر: صحيفة العرب اللندنية

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.