NORTH PULSE NETWORK NPN

االـ.ـتحرك التــ.ـركي في شمال سوريا… مشروع هيــ.ـمنة وتغيـ.ـير ديمـ.ـغرافي برعاية الاسـ.ـتخبارات التركية

تواصل الدولة التركية تنفيذ مشروعها الهادف إلى ترسيخ الهيمنة والاحتلال في شمال وشمال غرب سوريا، من خلال تكثيف وجودها العسكري والأمني، وتوسيع نفوذها السياسي والإداري عبر الفصائل التابعة لها. وتُظهر التطورات الميدانية أن أنقرة باتت تتعامل مع تلك المناطق كامتداد مباشر لسيادتها، في خرق واضح للقانون الدولي ومبادئ السيادة الوطنية السورية.

منذ سنوات، تسعى تركيا إلى فرض واقع جديد في المناطق المحتلة مثل عفرين، الباب، جرابلس، إعزاز وسري كانيه/رأس العين، عبر إحلال فصائل موالية لها محل السكان الأصليين، وتغيير البنية السكانية والديمغرافية في تلك المناطق. ويُعدّ هذا التغيير إحدى أخطر أدوات السياسة التركية الرامية إلى القضاء على الوجود الكردي في شمال سوريا.

كما تعمل أنقرة على تتريك التعليم والإدارة والخدمات العامة، من خلال إدخال المناهج التركية، وفرض اللغة والعملة التركيتين، وتنصيب مسؤولين محليين مرتبطين مباشرة بوالي غازي عنتاب ووزارة الداخلية التركية. وتشير التقارير الميدانية إلى أن بعض المناطق السورية باتت تدار فعلياً من قبل موظفين أتراك يتبعون لوزارات تركية، بما في ذلك وزارة الدفاع والاستخبارات (MIT)

وفي الجانب العسكري، تواصل تركيا دعم الفصائل المسلحة التابعة لها، والتي تتحرك بأوامر مباشرة من غرف عمليات تركية داخل الأراضي السورية. هذه الفصائل تنفذ هجمات متكررة على القرى والمناطق الكردية، في محاولة لتوسيع رقعة السيطرة التركية وتهجير السكان الأصليين.

وتعتبر أنقرة هذه الهجمات جزءاً من “حرب وقائية” ضد حزب العمال الكردستاني (PKK)، لكنها في الواقع تُوجّه ضد المدنيين والمناطق الآمنة في شمال وشرق سوريا.

بحسب المعطيات الميدانية والمعلومات الواردة من مصادر دبلوماسية، فإن تركيا تسعى إلى إطلاق عملية عسكرية جديدة ضد مناطق الإدارة الذاتية، بذريعة “ضمان الأمن القومي التركي”. غير أن موسكو وواشنطن ترفضان أي تصعيد عسكري جديد، خشية أن يؤدي ذلك إلى زعزعة الاستقرار الهش في سوريا وعرقلة أي جهود نحو حل سياسي شامل.

من جانب آخر، أبلغت موسكو عبر قنواتها الأمنية والعسكرية جهاز الاستخبارات التركي بأن أي هجوم جديد على المناطق الكردية سيُفشل المسار السياسي والعسكري في سوريا، وسيزيد من حدة التوتر مع الأطراف الدولية، خاصة الولايات المتحدة التي تنسق مع قوات سوريا الديمقراطية (قسد) في الحرب ضد تنظيم “داعش”.

إن التحرك التركي في سوريا لم يعد يقتصر على الجانب العسكري، بل تجاوز ذلك إلى مشاريع اقتصادية واستثمارية كبرى تُنفّذ بتمويل تركي مباشر في المناطق المحتلة، من بناء الطرق والمستشفيات والمدارس إلى فتح فروع للمصارف التركية وربط شبكات الكهرباء والاتصالات بالداخل التركي. هذه السياسات تمثل محاولة ممنهجة لإلحاق تلك المناطق إدارياً واقتصادياً بتركيا.

رغم النفوذ الواسع الذي حققته تركيا في شمال سوريا، إلا أنها تواجه تحديات متزايدة، أبرزها تصاعد المقاومة الشعبية ضد الاحتلال، وتنامي الإدانات الدولية لعمليات التغيير الديمغرافي، وتعقّد علاقاتها مع روسيا والولايات المتحدة على حد سواء. كما أن استمرار وجودها العسكري يشكل عبئاً أمنياً واقتصادياً كبيراً، ويجعلها عرضة لمزيد من الضغوط الإقليمية والدولية.

وفي ضوء هذه المعطيات، يبدو أن أنقرة تسير في مسار تصادمي مع القوى الإقليمية والدولية، بينما تبقى المناطق السورية المحتلة مسرحاً لسياسات تركية توسعية تهدف إلى فرض أمر واقع، على حساب إرادة الشعب السوري وحقوق مكوّناته، وفي مقدمتهم الكرد.

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.