أردوغان قال وداعًا لبايدن ولكن هل سيحميه بوتين؟
يقول تحليل لصحيفة الواشنطن بوست الأميركية إنه وبعد كل هذه الجعجعة، وخيبة الأمل، غادر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان سوتشي بهدوء. بعد لقاء جمعه مع فلاديمير بوتين الأسبوع الماضي، ولم يكن هناك حتى بيان رسمي حول مناقشاتهم في روسيا.
كانت المغادرة السرية غريبة على نحو مضاعف. فأردوغان ليس من الأشخاص الذين يضيعون الفرص لإظهار مكانتهم على الساحة الدولية، خاصة وأن هذا الاجتماع تم اعتباره من الاجتماعات الأكثر أهمية بين الرجلين منذ سنوات.
وكان من المفترض أن تمثّل قمة سوتشي الخطوة التالية في فك ارتباط تركيا بتحالفها المتردي مع الولايات المتحدة وتعميق العلاقة مع روسيا. قبل رحلته إلى المنتجع المطل على البحر الأسود، تحدث أردوغان صراحة عن افتقاره للعلاقة مع الرئيس جو بايدن، وبشكل أعم عن العلاقات الممزقة بين بلديهما. وقال للصحفيين خلال زيارة لنيويورك؛ لحضور اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة “لا أستطيع أن أقول بصدق إن هناك عملية صحية في العلاقات التركية الأميركية”.
وفي الوقت نفسه، تحدث عن العلاقة الوثيقة بين أنقرة وموسكو، بغض النظر عن الخلافات بينه وبين بوتين بشأن بعض الأشياء – مثل تعدي تركيا على مجال النفوذ الروسي في الصراع الأرميني الأذربيجاني، وتدخل روسيا في المصالح التركية في سوريا وليبيا – ومع ذلك، فإن الرجلين أفرزوا خلافاتهم في سوتشي. وقال أردوغان: “سنتوصل بالطبع إلى قرار مهم في العلاقات التركية الروسية”
ولكن بالنظر إلى ما بعد قمة الطرفين، لم يتم التوصل إلى قرارات مهمة، على الرغم من أن مناقشاتهم استغرقت ثلاث ساعات، وهي ليست طويلة جدًّا عندما تضع في الاعتبار الوقت المستغرق في الترجمة. ووصف بوتين محادثتهما بأنها “مفيدة”، وغرد أردوغان بأنها كانت “مثمرة”.
ونقلت الصحيفة عن مصدر دبلوماسي أنه “لم يتم تحقيق أي شيء جوهري في الاجتماع”.
لقد حصل الروسي بالفعل على معظم ما يريده من الأتراك، ففي ظل حكم أردوغان، ابتعدت تركيا عن الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي والتهديدات الأمنية الرئيسة لموسكو، وأصبحت تدريجيًّا أكثر اعتمادًا على روسيا. يعمل الاقتصاد التركي على الغاز الطبيعي الروسي، كما تعتمد صناعة السياحة فيها بشكل متزايد على الزوار الروس.
في رحلة العودة إلى الوطن، قال أردوغان للصحفيين إنه حريص على شراء المزيد من المعدات العسكرية الروسية، بما في ذلك السفن والطائرات الحربية والغواصات، بالإضافة إلى محطتين للطاقة النووية. كما كرر التزامه بالحصول على نظام دفاع صاروخي ثانٍ من طراز S-400، والذي لن يؤدي إلا إلى مزيد من تنفير حلفاء الناتو الآخرين وفرض عقوبات أميركية جديدة.
طبعًا، هذا كله سيطرب آذان بوتين، لكن أردوغان لم يحصل على أي شيء من الرئيس الروسي فيما يتعلق بقلق أنقرة الأكثر إلحاحًا؛ أحدهما حول مناورة موسكو في سوريا، والآخر بشأن سعر الغاز، وتشعر تركيا بالقلق من التصعيد الأخير في الهجوم الروسي السوري المشترك على إدلب، آخر معقل للمرتزقة المدعومين من تركيا.
ويقطن المقاطعة الواقعة على الحدود مع تركيا 3 ملايين شخص، وتخشى حكومة أردوغان موجة جديدة من اللاجئين الفارين من القتال. إن الاستياء التركي المتزايد من وجود هذا العدد الكبير من الأجانب يمثل عبئًا سياسيًّا على أردوغان، لاسيما مع تراجع شعبيته نتيجة الأوضاع الاقتصادية المتردية في تركيا
وعلى صعيد الغاز، تتفاوض تركيا على توريد 8 ملايين متر مكعب من شركة غازبروم الروسية في وقت ترتفع فيه الأسعار بشكل حاد بفضل الطلب الصيني. ومع اقتراب فصل الشتاء؛ تحرص أنقرة على إبرام عقود جديدة، وكانت تأمل في أن يؤدي تواصل أردوغان مع بوتين إلى شروط مواتية.
لكن في سوتشي، قدّم بوتين عبارات مبهمة حول التعاون التركي الروسي “الناجح إلى حد ما” في سوريا وليبيا، بينما لم يقدم أي وعود بشأن إدلب. وبالمثل، قال إنه يعتقد أن تركيا يمكن أن تشعر “بثقة واستقرار مطلقين” بشأن إمدادات الغاز الروسي، لكنه لم يقدم أي ضمانات بشأن الأسعار.
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.