NORTH PULSE NETWORK NPN

تردي الأوضاع يدفع بالكثيرين للانتحار في مناطق سيطرة تركيا والفصائل الموالية لها بإدلب

إدلب – نورث بالس
ازدادت في الآونة الأخيرة أخبار حوادث الانتحار في الشمال السوري وخاصة في المخيمات التي يقطنها النازحون، في ظل ما تعيشه المنطقة من ظروف عسكرية واقتصادية خانقة، وتفشّي وباء كورونا بشكل كبير والإغلاق العام الذي يفرضه هذا الوباء.
وتناقلت وسائل إعلام محلية أخباراً عن عدد من حالات الانتحار في بعض المخيمات الواقعة في ريف إدلب الشمالي بالقرب من الحدود السورية التركية، حيث أقدم أحد الشبان النازحين على الانتحار، يوم الثلاثاء الماضي 5 تشرين الأول/ أكتوبر ، وذلك بسبب الفقر وظروفه المعيشة الصعبة، والشاب هو محمود الحسين (31) عاماً يقطن في مخيم الهبيط بالقرب من بلدة ديرحسان في ريف إدلب الشمالي .
وأكّد أحد المقربين من الشاب المنتحر لـ “نورث بالس” إن ما دفع “الحسين” للانتحار هي ظروفه المادية التي تكاد تكون معدومة، وأنه كان يقاسي ضغوطاً نفسية كبيرة نتيجة عجزه عن العمل بعدما فقد سابقاً إحدى يديه خلال قصف طال منزله قبل نزوحه .
ولم تكن حالة الانتحار هذه هي الأولى من نوعها، فقد سبق أن شهدت محافظتي حلب وإدلب العديد مِن حالات الانتحار بسبب سوء الأوضاع المعيشية والفقر والضغوطات النفسية والاجتماعية التي يعيشها النازحون في المخيمات، فقد أقدمت سيدة في ريف إدلب الشمالي الغربي على الانتحار شنقاً في منزلها، في الـ 17 آب/ أغسطس الفائت بواسطة شالٍ نسائي، وذلك في مدينة سلقين الحدودية ، وفي ذات المدينة وفي نفس الأسبوع كانت قد اقدمت سيدة أخرى على الانتحار ، عزاه أقاربها إلى مرض نفسي أصابها مؤخراً .
وفي شهر آذار/مارس من العام الحالي انتحر الشاب “نوري محي الشريف” من مواليد 1985 وهو نازح من بلدة جلاس ومقيم في مخيم “تجمع الأندلس للنازحين” في محيط بلدة زردنا شمال شرق إدلب، أقدم على الانتحار بتناول “بلعة غاز”، ليتوفى على الفور.
وسُجّلت عدة حالات انتحار منها لأشخاص لم يتجاوزوا الـ 18 من العمر، وكانت منظمة “أنقذوا الأطفال”، قد بيّنت في تقرير لها أنّ ظاهرة انتحار أو محاولة انتحار الأطفال السوريين في شمال غربي سوريا، بلغت مستويات تبعث على القلق بعدما بلغ معدلها 20 بالمئة بين أطفال المنطقة دون سن الثامنة عشرة.
وعزت المنظمة هذه الزيادة الحادة في محاولات الانتحار للوضع المعيشي المأساوي الذي يعانيه الأطفال السوريين وأسرهم عبر مناطق القتال عمومًا وفي منطقة إدلب على نحو خاص منذ عشر سنوات.
وفي حديث لـ”نورث بالس” مع الباحث الاجتماعي، الأستاذ “معمر بكور” حول أسباب الانتحار عند الشباب والخلفيات الاجتماعية التي تؤدي إلى ارتكاب هذا الفعل، وكيفية مواجهة هذه المشكلة، أوضح أن الاكتئاب يعتبر السبب في أكثر من 50٪ من محاولات الانتحار، وقد تؤدِّي المشاكلُ الزوجية، أو الاعتقال أو الظروف المعيشية والصحية في الآونة الأخيرة.
وأوضح أن ارتفاع نسبة البطالة بشكل كبير في الشمال السوري، وخاصة في المخيمات من الممكن أن تدفع ببعض الشباب الذين يئسوا من واقعهم إلى التفكير الجدي بالانتحار .
وحول الطرق التي يلجأ إليها الذين يقدمون على هذا الفعل يقول “البكور” : “غالبًا ما تنطوي محاولاتُ الانتحار على جرعةٍ زائدة من الأدوية والتسمُّم الذاتي، وبعض الطرائقُ العنيفة، مثل إطلاق النار والشنق، التي تؤدِّي إلى الموت الفوري، والتي يلجأ لها الأشخاص ذوي الحالات النفسية الخانقة”.
واستطرد قائلا: “الصحة النفسية لا تقل أهمية عن أي علاج آخر للإنسان، مقترحا بأن تولي المنظمات الإنسانية أهمية أكبر لبعض مراكز المصحات النفسية ،وأن ذلك لا يقل أهمية من الصحة الغذائية والجسدية فهما وجهان لعملة واحدة”.
ويذكر أن مخيمات الشمال السوري تعاني من انتشار الفقر، وانعدام فرص العمل ومصادر الدخل ، في حين أن نسبة عالية من الأطفال يتركون مدارسهم بغية البحث عن عمل يعين أهاليهم على تأمين احتياجاتهم الأساسية، بالإضافة إلى الظروف الاستثنائية التي ولدّتها حرب عشر سنوات وما زالت مستمرة.
إعداد: أيمن عبدالرزاق

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.