NORTH PULSE NETWORK NPN

وصمة العار تلاحق النساء المعتقلات في سجون حكومة دمشق

إدلب – نورث بالس
“من أنتِ؟ ماذا تريدين؟”، هكذا استقبلت خلود التي وجدت نفسها منبوذة من اسرتها بعد خروجها من معتقلات التابعة لحكومة دمشق بعد صفقة أبرمت بين الفصائل المعارضة والقوات الحكومية لتبادل الأسرى في إدلب.
بحسب منظمات حقوق الإنسان، فإن أكثر من عشرة آلاف امرأة اعتُقلت منذ اندلاع الازمة السورية في عام 2011، إلا أن إطلاق سراحهن لم يضع حداً لمعاناتهن، الكثير من هؤلاء النساء يعانين من رضوض نفسية، أو خسارة أقارب لهن، وفوق كل ذلك يجدن أنفسهن منبوذات من المجتمع لدى إطلاق سراحهن.
فالخروج من السجن في مجتمع تحكمه عادات وتقاليد مجحفة بحق المرأة هي بداية لمأساة جديدة ستواجهها النساء المعتقلات.
وهذا ما ينطبق على تجربة “خلود”(اسم مستعار) التي تم الإفراج عنها في 2018 بموجب صفقة تبادل أسرى بين جماعة مسلحة معارضة في محافظة إدلب والقوات الحكومية، تتذكر خلود قائلة: “كان لدى كل ناجٍ أحد من عائلته ينتظره بالزغاريد والفرح، إلا أنا”.
تقول خلود “عندما وصلتُ إلى منزل زوجي، فتح أحد أطفالي الباب عانقته وكان ينظر إلى بدهشة، بعد لحظات، ظهر زوجي أمامي مع امرأة أخرى أدركت بأنها زوجته، وسألني: ‘من أنتِ؟ ماذا تريدين؟ وتحدث إلى بطريقة مذلة، وطردني من المنزل ومنعني من رؤية أطفالي الآخرين “.
تابعت خلود “عندما يخرج المعتقلون الرجال يحتفى بهم كأبطال، لكن النساء في المقابل يجدن مجتمعاً يزدريهنّ ويشكّك بأخلاقهنّ.
تحدثت شبكة “نورث بالس” مع فاطمة عمرو احدى المعتقلات سابقا بين عامي 2012و2015 وهي ناشطة حقوقية تقول في حديثها: ” إن المجتمع يعتقد أن جميع النساء المحتجزات فقدن عذريتهن، وأنهن جميعًا تعرضن للاغتصاب”.
وتابعت العمر: “أنا على سبيل المثال، لا أنكر أنني تعرضت للاعتداء الجنسي من خلال الضرب وأنا عارية لكنني لم أتعرض للاغتصاب “.
مضيفتا، ” أن الأمر الأكثر خطورة من تلك الأفكار النمطية وجود أشخاص ينظرون إلى النساء الذين أطلق سراحهن على أنهن ضحية يسهل استغلالها”.
من جانبه، قال الاخصائي النفسي عمار عبد الكريم المقيم في تركيا، في حديثه لـ “نورث بالس” “تختلف نظرة المجتمع للنساء اللائي يدخلن السجن عن نظرته إلى الرجال”.
ويضيف عبد الكريم “عقاب المرأة قي المجتمعات الشرقية مزدوج عقاب اجتماعي من جهة، قد يؤدي بأهلها إلى التبرؤ منها معتبريها وصمة عار على العائلة وعلى الابناء، وكذلك العقاب نفسي”
وأوضح عبد الكريم، نتيجة لذلك ” تعاني معظم النساء من اكتئاب حاد قد يؤدي بها إلى الانتحار” مشيرا انها حتى تفقد القدرة على العمل والعيش في الحياة بشكل طبيعي، محذرا أن تلك العادات قد تؤدي بالبعض منهن إلى تبني سلوكيات خاطئة كرد على اللوم الاجتماعي.
وتابع: ” نسبة النساء اللواتي يتحدثن علنًا عن تعرضهن للعنف الجنسي لا تزيد عن 15 بالمائة من إجمالي عدد المعتقلات، النسبة الكبيرة منهن يخفون هوياتهن والحفاظ على سرية شهاداتهن”.
وأضاف: “العنف الجنسي من أصعب الانتهاكات التي نوثقها”، لذلك “نعمل بجد عند توثيقها لتجنيب الضحية عواقب تلك الذكريات والآلام”.

إعداد: أيمن عبد الرزاق

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.