NORTH PULSE NETWORK NPN

استياء شعبي من الوجود التركي في الشمال السوري

إدلب – نورث بالس
منذ اندلاع شرارة الأحداث في سوريا مطلع العام2011، وانتهاج حكومة دمشق لسياسة العنف ضد المتظاهرين، توسّم السوريون خيراً حينها بالتصريحات التي أطلقها أردوغان وحكومته آنذاك، والتي كانت في مجملها تتحدث عن وقوف تركيا إلى جانب المدنيين والمتظاهرين الذين يتعرضون للقمع، وتطالب الأسد بالنزول عند رغبة المتمثلة بتنحيه عن السلطة وإقامة نظام ديمقراطي حقيقي في سوريا، الأمر الذي جعل الكثير من السوريين يعقد الآمال على الموقف التركي الداعم لهم، وبات لتركيا حينها قاعدة جماهيرية كبيرة في أوساط المجتمع السوري.
ولكن وبعد مرور ما يقرب 10 سنوات على الأزمة السورية، وتكشّف حقيقة السياسية التركية تجاه السوريين، وأطماعها التوسعية في المنطقة، فقدت تركيا القاعدة الجماهيرية والتأييد الشعبي لها، ويرى باحثون في الشأن السوري أن الموقف التركي تجاه القضية السورية أصبح مثاراً للتهكم والسخرية من قبل السوريين، الذين فقدوا ثقتهم بتركيا وحقيقة الدور الذي تلعبه.
علاوة على ذلك، يمثل هذا التوسع العسكري الخارجي تحولًا جذريًا بالنسبة لسياسة تركيا تجاه سوريا، وانحرافاً للبوصلة عن وجهتها المعلنة بداية الأحداث في سوريا، فتركيا باتت تتحكم بأغلب المناطق في إدلب وشمال حلب.
وتعتبر أنقرة المناطق التي تسيطر عليها جزءًا من تركيا، فالدوائر الحكومية التركية تقدم خدماتها في هذه المناطق بدعم ومساعدة من الجيش التركي، وما تزال القوات التركية موجودة في هذه المناطق وأنشأت قواعد عسكرية فيها فضلاً عن رفع الأعلام التركية بشكل كبير في هذه المناطق.
الناشط الحقوقي ” أدهم العثمان” يرى أن التدخل التركي في سوريا، لم يقدّم أي شيء يذكر للسوريين، وأن الشعارات التي كانت ترفعها تركيا في بداية الأحداث في سوريا، ما هي إلا شماعة اتخذتها تركيا لتحقيق أطماعها التوسعية في سوريا.
وأضاف “العثمان “: «الوجود التركي على أراضينا غيّر الكثير من الأولويات لدى المجتمع الذي ثار لنيل حريته وكرامته، وجعلت من شبابنا مرتزقة مأجورين مقابل المال، مجتمعنا لم يألف هذه القيم من قبل، وقد كنّا بحال أفضل بكثير قبل مجيء التركي إلينا».
ومن بين 17 شخصاً توجهنا لهم بالسؤال عن مدى قبولهم بالوجود التركي على الأراضي السورية، أبدى 13 منهم غضبهم من الوجود والتدخل التركي الذي لم يحقق أيّاً من الشعارات التي جاؤوا من أجلها حسب زعمهم، ويُلقي بعضهم باللوم على ضعف المعارضة وتشتتها سواء السياسية منها أو العسكرية.
ويرى “ف ر ” صحفي من مدينة إدلب رفض الكشف عن اسمه أن هذه الممارسات التركية تؤدي إلى تقويض قدرات الشعب السوري “وتذكرنا بالاحتلال الفرنسي للجزائر وتشويهه للتاريخ فيها، بما في ذلك تزييف جغرافية البلاد، وتشجيع الهجرة، وفرض اللغة التركية على المناهج المدرسية.
واعتبر “ف ر” أن الغالبية العظمى من الشعب السوري بات رافضاً لوجود الأتراك في الشمال السوري، وتحكمه بكافة مفاصل الحياة الاقتصادية والاجتماعية والعسكرية والعلمية في المنطقة.
وأضاف أن التوغل التركي في شمال سوريا أدى إلى تفاقم الوضع الإنساني المزري، كما أن القواعد العسكرية التركية المنشئة على خطوط سوتشي جنوبي إدلب لم يكن لها أي أثر فعلي على الأرض.
وتجدر الإشارة أن تركيا وخلال السنوات الخمس الأخيرة شنت أربع عمليات عسكرية في شمال سوريا أدت إلى إقامة أربع مناطق تشرف عليها تركيا بشكل مباشر، ونتيجة لهذه الإجراءات تسيطر تركيا الآن على أكثر من 8000 كيلومتر مربع في سوريا، أو ما يقرب من 4.9 في المائة من سوريا، ويتمركز هناك ما بين 12000 و15000 جندي تركي، والمدن الرئيسية الخاضعة للسيطرة التركية هي اعزاز، مارع، الباب، جرابلس، عفرين، سري كانيه (رأس العين) وبلدة الراعي.
كما شكلت أنقرة فصائل عسكرية سورية تابعة لها قوامها ما بين 80 إلى 100 ألف مقاتل، تحمل معظمهما أسماء تركية وعثمانية، أبرزها “سلطان مراد”، “محمد الفاتح”، “لواء سمرقند”، و “سليمان شاه” وغيرهم.
إعداد: أيمن عبد الرزاق

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.