NORTH PULSE NETWORK NPN

ما سرُّ التقارب الروسي مع (قسد)؟

نورث بالس

مع تزايد الحديث عن عمليات عسكرية تركية مرتقبة في مناطق سورية عدة ضد “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، برزت مؤشرات على تقارب جديد بين “الإدارة الذاتية” وروسيا التي تعد لاعباً أساسياً في الملف السوري، وتنسق بشكل دائم مع تركيا بشأنه، إلى جانب كونها حليفاً للحكومة السورية.

في 28 أكتوبر/ تشرين الأول الحالي، هبطت، لأول مرة، طائرة “سوخوي” روسية، في مطار “القامشلي” شرقي البلاد، القريب من القاعدة الأمريكية في المنطقة، والذي تستخدمه الشرطة العسكرية الروسية كقاعدة عسكرية، حسب ناشطين إعلاميين في المنطقة.

قبل أيام، دخل رتل عسكري روسي مؤلف من عدة مدرعات بحماية من “قسد” من معبر بلدة الصالحيّة البري الفاصل بين مناطق سيطرة قوات الحكومة السورية ومناطق سيطرة “قسد” بمحافظة دير الزور.

وعلى الرغم من رفض الأهالي في دير الزور واحتجاجاتهم وقطعهم الطرق، عبر الرتل فجر يوم 22 أكتوبر/ تشرين الأول الحالي، إلى بلدة أبو خشب ومنها إلى طريق الخرافي باتجاه الرقة خفية دون علم الأهالي، وسط توتر كبير ساد المنطقة، بحسب ما نقلته شبكة “فرات بوست” المحلية.

وكانت القوات الروسية أزالت قبل مرورها السواتر الترابية المقابلة لقرية الجنينة الواقعة تحت سيطرة “قسد” للعبور إلى الرقة.

حسب مراقبين ومحللين سياسيين تفتح هذه المؤشرات الباب أمام تساؤلات حول أسباب هذا التقارب الأخير، والمكاسب التي سيحققها الطرفان، مع تحركات “الإدارة الذاتية” السابقة ولقاءاتها مع مسؤولين أجانب فاعلين في الملف السوري مؤخراً.

ويبدو أن قضية هبوط طائرة حربية في القامشلي تبدو للبعض هامشية وقد ضُخّمت إعلامياً أكثر مما هي على أرض الواقع، لأن المطار خاضع لسيطرة قوات الحكومة السورية، وربما يكون المهم هو ما يُشاع عن إنشاء قاعدة عسكرية روسية في المطار في وقت لاحق.

وبعيدًا عن المسألة العسكرية المباشرة، فالوضع السياسي هو المهم، وهو ما تعمل عليه روسيا منذ فترة، بحسب ما قاله الباحث في حديث إلى عنب بلدي.

من زاوية أخرى؛ لم يبدأ حوار “الإدارة الذاتية” مع روسيا الآن، وإنما بدأ منذ التدخل الروسي في سوريا، إذ سيطرت روسيا على مناطق واسعة على حدود مناطق سيطرة “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، الذراع العسكرية لـ”الإدارة الذاتية”، وبالتالي هناك تماس مباشر بين الجانبين.

وتحاول روسيا أن تستفيد من محاولة ملء الفراغ الذي سيتركه الانسحاب الأمريكي بالتقارب مع الكرد، وبالتالي إيجاد صيغ وتفاهمات سياسية وعسكرية مشتركة في المناطق التي تسيطر عليها “الإدارة الذاتية”، لعودة روسيا إلى المنطقة وإعادة قوات الحكومة السورية، وتحقيق الحل السياسي في سوريا وفق الرؤية الروسية، إذ لا بد لروسيا لتطبيق حلها السياسي من تضمين الكرد فيه.

ويستفيد المكوّن الكردي من هذا التقارب بإيجاد داعم إضافي في المنطقة، مع تخوفه من انسحاب أمريكي مفاجئ كما حصل في أفغانستان، لذلك هو يريد أن يضمن قوة إقليمية أو دولية تدعم مواقفه في سوريا، ولم يجد أفضل من روسيا التي تملك أوراق قوة في الملف السوري، كما أنه بتقاربه هذا يضمن وجوده في الحل السياسي.

وكانت المتحدثة باسم وزارة الدفاع الأمريكية، القائدة البحرية جيسيكا مكنولتي، صرحت أن الولايات المتحدة ستبقي 900 عسكري من قواتها في سوريا للعمل مع “قسد”، لمهمة هزيمة تنظيم “الدولة الإسلامية”، بحسب ما نقله الموقع المتخصص في الشؤون الأمنية والعسكرية “Defense One”، في 8 أكتوبر/ تشرين الأول الحالي.

وصرّحت الرئيسة التنفيذية لـ”مسد”، إلهام أحمد، في 7 أكتوبر/ تشرين الأول الحالي، أن المسؤولين الأمريكيين قدّموا التزاماً واضحاً للكرد ببقائهم في سوريا، خلال لقاءات لوفد “مسد” في واشنطن مع ممثلين للبيت الأبيض ووزارتي الخارجية والدفاع الأمريكيتين.

 

إن محاولة الكرد التقارب مع روسيا هي دعم للموقف الكردي مقابل العمليات التركية، والاستفادة من التقارب الروسي- التركي في نقاط عدة فيما يتعلق بالشأن السوري، إذ تضمن هذه الاستفادة للكرد نوعًا من المناورة أو العمل السياسي لمنع العملية التركية المرتقبة إن حدثت.

ولا يُتوقّع حدوث عملية تركية واسعة النطاق، إذ ربما تشهد المنطقة عمليات تركية “خاطفة وسريعة” في مناطق معيّنة لوقت محدود، وبتأثيرات أقل من سابقتيها (نبع السلام، غضن الزيتون، درع الفرات)، لأسباب كثيرة تتعلق بعدم وجود تفاهمات سياسية حول العملية العسكرية، وعدم القبول الأمريكي لها وتوتر العلاقات الأمريكية – التركية، وحالة الركود الاقتصادي التركي الموجودة.

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.