NORTH PULSE NETWORK NPN

من ترينداد إلى سوريا… خلافات العائلية أوصلته إلى سوريا وينتظر ما وعده به جيمس جيفري

القامشلي – نورث بالس

كان يعيش الطفل سولاي مع والديه وشقيقه وشقيقته اللذان يكبرانه في جمهورية ترينيداد وتوباجو (Republic of Trinidad and Tobago)‏ وهي دولة تقع في جنوب البحر الكاريبي، على بعد 11 كيلومتراً من فنزويلا، ويعتنقون الديانة المسيحية، ولكن طلاق أمه من والده حين كان عمره 7 أعوام كانت البداية لتغيير حياة سولاي والتي أوصلته إلى سوريا ليجد نفسه بين يدي تنظيم داعش.

سرد سولاي الموجود حاليا في مركز هوري لتأهيل أطفال داعش والذي يبلغ من العمر حاليا 17 عاماً حكايته “لشبكة نبض الشمال” وبدأها من موطنه في ترينداد.

استذكر سولاي أيام طفولته الأولى حيث كان يعيش في ترينداد مع والديه وشقيقيه، يقول: “كان عمري 7 سنوات حينها وكنت أعيش حياة طبيعية كباقي الأطفال وأذهب إلى المدرسة وألعب كرة القدم مع رفاقي”.

طلاق أمه واعتناقها الإسلام

يقول سولاي أنه وفي عمر الـ 7 سنوات حصلت مشاكل بين والديه أدت لطلاقهما، وبعدها بقي شقيقاه مع والده فيما انتقل هو مع والدته إلى أمريكا الشمالية وعاشا هناك عدة سنوات وتعود على الحياة هناك أيضاً، ولكن المفاجأة التي حصلت أن أمه تعرفت هناك على رجل مسلم وأسلمت معه وتزوجته.

المنعطف الخطير

بعد زواج والدته من الرجل المسلم بدأ بإقناعها للسفر نحو البلدان المسلمة، فيقول سولاي: “لقد أقنع والدتي بالسفر معه وقال لها سنذهب إلى السعودية لنتعلم الإسلام واللغة العربية”.

وبالفعل أقنعها وخرجوا من أمريكا عام 2014، وكان عمر سولاي حينها 11 عام، وأشار بأنهم ذهبوا في البداية إلى أمستردام في هولندا ومن ثم ألمانيا ومن هناك سافروا إلى إسطنبول في تركيا، وأضاف: “كنا نعتقد أنا محطتنا التالية ستكون السعودية بحسب ما وعدنا به زوج أمي، ولكن تفاجأنا أنه انعطفنا وأدخلنا من هناك إلى سوريا، وحينا لم نكن نعلم شيئاً عن سوريا سوى أنه تجري فيها معارك وقصف، ودخلنا إليها من بوابة مدينة جرابلس الحدودية دون أية عوائق”.

الصدمة

بعد اكتشاف والدته أنها أصبحت في سوريا وليست في السعودية أصيبت بالصدمة بحسب زعم سولاي، وقال: “أمي قالت لزوجها حينها لماذا أتيت بنا إلى سوريا وهي تشهد الحروب والمعارك والقصف وهي خطرة، فأجابها زوجها: أنا مسلم ويجب أن نعيش في دولة الإسلام ونحارب معهم ويجب عليكم كمسلمين العيش في دولة إسلامية أيضاً”.

وأردف سولاي السرد: “بعد وصولنا سوريا التحق زوج أمي بداعش وتم نقلي مع أمي إلى مدينة الرقة ووضعونا في مكان يسمى “دار الضيافة” كان كل الموجودين فيها هم من النساء والأطفال الأجانب”.

الضياع

بعد حوالي 6 أشهر من الغياب يعود زوج أمه إليهم ويطلب منهم الذهاب معه، ولكن والدته لا تقبل وتطلب منه إعادتها إلى أمريكا، يضيف سولاي: “ولكنه لم يصغ وذهب ولم يعد إلينا، وشعرنا هناك بالضياع لأننا لانعرف أحداً ولا نجيد التحدث بالعربية، ولم نعد نعرف ماذا نفعل، وزاد علينا المشاكل التي بدأت تظهر بيننا وبين باقي النساء المهاجرات اللواتي بدأنا يتذمرن من وجودي بينهن ويطلبن من أمي إخراجي من دار الضيافة وارسالي إلى مراكز التدريب لدى داعش باعتبار أني أصبحت كبيراً، ولكن أمي لم تقبل بذلك وخرجت معي من الدار وأمضينا عدة أيام نبيت في الشوارع”.

التعرف على رجل سوري والانتقال إلى منزله

وبعد البقاء في شوارع الرقة تعرفوا على رجل سوري كان يعرف التحدث بالانكليزية، يقول سولاي: “تحدث معنا الرجل حين شاهدنا ننام في الشوارع، وشرحنا له ما حصل معنا، فطلب منا الذهاب معه والسكن في منزله حتى لا نبقى في الشوارع، وحينها طلبت أمي منه أن يجد لنا طريقاً لإخراجنا لنعود إلى أمريكا، ولكنه خاف من هذا الأمر وقال أنه لا يستطيع فعل ذلك لأن الدواعش إذا عرفوا بذلك سيقتلونه”.

وأردف سولاي: “وذهبنا معه إلى منزله وبقينا هناك مدة 4 أشهر تقريباً، وفي إحدى الأيام داهم عناصر داعش المنزل وألقوا القبض على الرجل وضربوه وأهانوه وأخذوه معهم ولم نعرف عنه شيئا بعدها، وأخذونا من المنزل وأعادونا إلى المضافة وقالو لنا كيف نسكن في منزل شخص لا نعرفه ولا يقربنا، قالو إن هذا حرام ولا يجوز وهددونا بالقصاص في حال كررنا هذا الأمر، ووضعونا في المضافة مرة أخرى”.

خروج من المضافة ودخول السجن

بعد العودة إلى المضافة عادت معها المشاكل بين والدته وباقي النساء اللواتي كن يرفضن وجود سولاي الذي أصبح شابا بينهم، وقال: “لكن أمي كانت ترفض أن أبتعد عنها، وتقول أبني سيبقى معي ولن أتركه وإن خرج إلى الشارع سأخرج معه”.

وأكمل حديثه: “بعدها خافت امي من أن يأتي عناصر داعش ويأخذونني بالقوة منها، فقررنا الخروج من المضافة مرة أخرى، وبحثنا عن بيت في مدينة الرقة واستأجرنا بيت وسكنا فيه، وكنا نحاول دائما إيجاد طريق للخروج، وبهذه الفترة تعلمت العربية قليلاُ”.

يقول سولاي أنه كان يذهب كل فترة إلى مركز للإنترنت ويتحدث من هناك مع عمه أخوته في الولايات المتحدة ليساعدوهما على الخروج، وقال: “إحدى المرات عندما كنت في مركز الانترنت جاء عناصر داعش وأخذوا مني هاتفي، فتشوه وشاهدوا رسائلي وقالو من تتحدث ولماذا تريد الخروج من سوريا، ألا تحب الدولة الإسلامية، قلت أن الأوضاع هنا ليست جيدة وكلها حرب وقتل، فأقدموا على اعتقالي وأخذوني إلى السجن، ثم أخذوا أمي أيضاً ووضعوها في السجن”.

محاولة الإقناع والسيطرة

قال سولاي أنه وخلال فترة بقائه في السجن كان الدواعش يحققون معه ومع والدته بشكل يومي، ويحاولون إقناعه بالتوجه إلى معسكرات “أشبال الخلافة”، حيث كانوا يقولون له لقد أصبحت كبيراً ويجب أن تذهب إلى الجهاد وأن تحارب من أجل الاسلام، وأردف سولاي: “قلت لهم أن أمي لوحدها وأريد أن أعيش حياتي معها وأريد أن أصبح لاعب كرة قدم في المستقبل، ولكنهم قالوا لي أنت مسلم ويجب ألا تفكر مثل الكفار فطريق المسلم هو الجهاد والجنة”.

رحلة الهروب

وبعد فترة من البقاء في السجن يطلق داعش سراح سولاي، وكانوا قد أطلقوا سراح والدته قبله، فيقول: “بعد أن تركوني أصبحت أبحث عن أمي حتى وجدتها، وحينها قالت أمي يجب أن نخرج من هنا بسرعة حتى لا يأخذوك إلى معسكرات التدريب والمعارك”.

ونوه سولاي أنهم خرجوا من الرقة وذهبوا إلى الميادين وبعد البقاء فيها فترة قصيرة بدأ التنظيم بالبحث عنهم، لذا قرروا الهروب صوب قرى نائية تكون بعيدة عن أعين عناصر داعش، فتوجهوا إلى الريف وسكنوا في قرية أبو همام، وهناك ألتقوا بأحد المهربين وطلبوا منه إخراجهم من مناطق سيطرة داعش، وقال: ” طلب منا المهرب دفع مبلغ 10 آلاف دولار لكل شخص لإخراجنا، وقلنا أنه مبلغ كبير ولا نملكه، فقال إذا سأدلكم على طريق ثاني ولكن فيها خطورة، وقال لي عليك أن تردي النقاب كالنساء وتخرج هكذا مع أمك، وبالفعل ارتديت النقاب وخرجت مع أمي سيرا على الأقدام ضمن طرق مزروعة بالألغام ويمر منها أحياناً دوريات لداعش، ولحسن الحظ لم يعترضنا أي منها، واستطعنا الوصول إلى قرية الكشمة التي كانت قوات سوريا الديمقراطية قد سيطرت عليها قبل فترة قصيرة، وهناك سلمنا أنفسنا لها”.

وبعد الوصول إلى قسد تم نقل والدته إلى مخيم روج بريف ديرك، أما سولاي تم نقله إلى مركز هوري لتأهيل أطفال داعش والذي لازال فيها منذ أكثر من عام.

اللقاء بجيمس جيفري وانتظار وعده

يقول سولاي أنه وبعد انتقاله إلى المركز بفترة قصيرة زارهم المبعوث الأمريكي إلى سوريا جيمس جيفري والتقى معهم وتحدث إليه وقال جيفري له حينها ” هذا ليس ذنبك، بل هو خطأ أمك، وعليك أن تنسى الماضي الذي مررت به وتعود إلى حياتك الطبيعية” وقال سولاي: “تعهد جيفري لنا بإعادتنا قريباً إلى ديارنا، ولا زلت أنتظر وعده”.

“أشعر هنا بالأمان ولكن أريد العيش بحياة طبيعية”

في ختام حديثه أكد سولاي أن أوضاعه في المركز أفضل بكثير، لأنه يشعر فيها بالأمان وقال: “هنا أفعل ما أشاء استمع إلى الأغاني أتفرج على الأفلام وألعب الرياضة، ففي فترة بقائنا بمناطق سيطرة داعش لم نكن نفعل هذا كله وكان كل شيء ممنوع وحرام، هنا لا أحد يمنع عنا شيء، وهنا لم نعد نسمع صوت الطيران والقصف ولا نشاهد القتل والجثث. أشعر هنا بالأمان”.

وأشار سولاي أنه ومع ذلك يرغب في العودة لبلاده والعيش بحياة طبيعية وقال: “لدي اتصالات مع أخي وأختي في أمريكا الجنوبية، فحين يزورنا الهلال الأحمر يسمحون لي بالحديث معهم عبر النت، وأتمنى العودة إلى بلادي وأعيش حياة طبيعية، وأن أصبح لاعب كرة قدم وأرى أخي وأختي وأصدقائي وأعيش مع أمي هناك في بلدنا من جديد”.

 

إعداد: سيدو إيبو – خمكين قره مان

 

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.