NORTH PULSE NETWORK NPN

مايكل روبين: لن تنجح الصفقة العراقية بشأن سنجار ولا جهود وزارة الخارجية لنزع الشرعية عن PKK

وقعت الحكومة العراقية في بغداد وحكومة إقليم كردستان في أربيل اتفاقية أمنية مشتركة في 9 أكتوبر / تشرين الأول 2020 ، “لاستعادة الاستقرار وتطبيع الوضع في سنجار” ، المنطقة الجبلية المتنازع عليها في شمال غرب العراق والتي تسكنها بشكل رئيسي الأقلية الأيزيدية في العراق.
إن الحاجة لهذه الصفقة – والسبب وراء دعم كل من وزارة الخارجية الامريكية والأمم المتحدة للمحادثات – لم يكن لها علاقة بوضع سنجار كأرض متنازع عليها بين الحكومتين في بغداد وأربيل، بل أكثر من ذلك تتعلق بالرغبة في إبعاد حزب العمال الكردستاني (PKK).
ظهر حزب العمال الكردستاني قبل أكثر من أربعين عامًا على خلفية كل من الاستقطاب السياسي والعرقي في تركيا والحرب الباردة. في عام 2007، كتبت أليزا ماركوس، وهي مراسلة أجنبية سابقة، خلاصة تاريخ الجماعة وزعيمها المسجون عبد الله أوجلان. يكفي القول إن تركيا تعتبر حزب العمال الكردستاني جماعة إرهابية وتسعى بشكل متزايد إلى نزع الشرعية عن شبكة متنامية من السياسيين والمنظمات السياسية الكردية بسبب العلاقات المفترضة.
لمدة ربع قرن، لعبت الولايات المتحدة دورًا متواصلاً في ذلك. ففي عام 1997، على خلفية الجهود الأمريكية لدعم بيع الأسلحة لتركيا، صنفت إدارة كلينتون حزب العمال الكردستاني منظمة إرهابية أجنبية. ففي حين أعادت بلجيكا من بين دول أخرى منذ ذلك الحين دراسة وإعادة النظر في الأدلة التي تربط حزب العمال الكردستاني بالإرهاب، يستمر الجمود السياسي والعداء من جانب اللوبي التركي المتجذر في وزارة الخارجية في منع أي إعادة نظر أمريكية، على الرغم من الشراكة الأمريكية مع فرع مرتبط فكرياً من حزب العمال الكردستاني في شمال شرق سوريا.
رغم ذلك، لن تنجح الصفقة العراقية بشأن سنجار ولا جهود وزارة الخارجية لنزع الشرعية عن حزب العمال الكردستاني، لسبب بسيط وهو: معاقبة حزب العمال الكردستاني لا تضفي الشرعية على منافسيه. لنأخذ سنجار على سبيل المثال، لقد ترسخ حزب العمال الكردستاني في المنطقة لأن معظم الإيزيديين يعتقدون أن الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود بارزاني قد خان الأيزيديين في المنطقة لصالح تنظيم داعش.
القضية ليست سنجار فقط. فصحيح أن أربيل هي عاصمة كردستان العراق، ومقر القنصلية الأمريكية، والمدينة التي تهيمن عليها عائلة البارزاني، لكن واجهة الاستقرار هذه مهتزة بشكل متزايد. السكان المحليون – حتى الأعضاء الشكليون في الحزب الديمقراطي الكردستاني – يلومون رئيس الوزراء مسرور بارزاني بسبب عدم كفاءته وقمعه وفساده. التوترات بين مسرور وابن عمه نيجيرفان بارزاني، رئيس الإقليم، أصبحت الآن علنية. في الأيام الأخيرة، تعرضت سمعة العائلة الحاكمة لضربة إضافية عندما ظهر “ريباز”، الذي تصفه وسائل الإعلام الكردية بأنه عضو متقاعد في جهاز المخابرات، على الهواء مباشرة لمناقشة مختلف الجرائم والسلوكيات التي تستر عليها جهاز المخابرات، بما في ذلك مزاعم الاغتصاب ضد نهاد بارزاني شقيق زعيم الحزب مسعود وعم مسرور.
في الواقع، ينظر الأكراد المحليون على نحو متزايد إلى حالة انعدام القانون التي تعيشها عائلة بارزاني بنفس الطريقة التي نظر بها العراقيون ذات مرة إلى صدام حسين وأبنائه عدي وقصي. قد يجلس القنصل العام الأمريكي في مجمعه، ومن وقت لآخر، يزور المسؤولين الكرد في مكاتبهم، لكن الحقيقة هي أن الحزب الديمقراطي الكردستاني يفقد شرعيته حتى في معاقله التقليدية. ونظراً لأن معظم الانتهاكات والفساد يرتكزان على الأسرة، فإن حزب العمال الكردستاني قادر على النأي بنفسه جانباً والحفاظ على صورة نظيفة لأن قيادته لا تعتمد على الأسرة ولا تشارك في التعاملات التجارية.
في الواقع، فيما يستمر الحزب الديمقراطي الكردستاني في نزيف الشرعية الشعبية. وفي ظل غياب أية أحزاب معارضة أخرى قادرة على البقاء ولا تعاني من نفس الديناميكيات العائلية ، فإن احتمالية أن يتمكن حزب العمال الكردستاني في النهاية من السيطرة على أربيل ليست مستبعدة.

نفس الديناميكية تلعب دورها في شمال شرق سوريا. إذ سعت وزارة الخارجية لسنوات لتعزيز وكلاء الحزب الديمقراطي الكردستاني على حساب تلك الأحزاب التي تطورت فلسفيًا من حزب العمال الكردستاني، لكن هذا التوجه فشل باستمرار لسبب بسيط وهو إن الفساد ينزع الشرعية عن أي حزب تهيمن عليه عائلة واحدة. كما لا يرى السكان المحليون أن استرضاء أنقرة حلاً أكثر واقعية من استرضاء بكين كحل عادل للمناطق المأهولة بالأويغور في الصين.
قد تشعر تركيا ووزارة الخارجية بالإحباط من استمرار نمو حزب العمال الكردستاني من حيث القوة والشعبية في سوريا والعراق وإيران وفي تركيا نفسها. يجب على القادة الأتراك والدبلوماسيين الأمريكيين أن يفهموا السبب: قد تقوم تركيا بتلقين سكانها على الاعتقاد بأن حزب العمال الكردستاني إرهابيون، لكن بالنسبة لمعظم الأكراد، فإن المجموعة هي البديل الوحيد القابل للتطبيق لنظام سياسي يسري فيه الفساد.
هذا لا يعني أن أعضاء حزب العمال الكردستاني ليس لديهم عيوب ديمقراطية خاصة بهم ولا أنه لم تحدث إساءة استخدام السلطة. كما أنه لا يعني أن الولايات المتحدة يجب أن تؤيد ماضي حزب العمال الكردستاني أو تتبنى رواياته عن نفسه. وبدلاً من ذلك، فإن سياسة واشنطن الأكثر ذكاءً وواقعية هي التعامل مع الجماعات الكردية التي تخلت عن العنف السياسي من أجل تحسين قدراتها والديمقراطية. يمكن للدبلوماسيين الأمريكيين الاستمرار في الاجتماع مع أصحاب المناصب من عائلة البارزاني، لكن عليهم أيضًا اللقاء بمعارضيهم من حزب العمال الكردستاني. بالمختصر، يجب أن يعامل حزب العمال الكردستاني كحزب متساوٍ.
ومع ذلك، فإن مقترح الولايات المتحدة، أنه يجب على الأيزيديين أن يتغلبوا على خيانة مسرور، أو أن المجتمع المدني الكردي يجب أن يتحمل القمع والفساد، أو أن يتجاهل الكرد المزاعم بأن أفراد عائلة بارزاني لم ينخرطوا في أسوأ الجرائم التي ارتكبت بحق الفتيات في مجتمع محافظ. هذه كلها حجج خاسرة. ببساطة، لقد حان الوقت لأن تتوقف الولايات المتحدة عن تصميم سياساتها الكردية من خلال عدسة تركيا أو الأسرة الحاكمة التي تفقد بشكل متزايد الشرعية في أعين ناخبيها، وبدلاً من ذلك يجب أن تعمل مع تلك الحركات التي أسست شرعية شعبية حقيقية. لن ينجح استبعاد حزب العمال الكردستاني ببساطة.
المصدر: صحيفة نايشونال انتريست

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.