التـ.ـوازنات العسـ.ـكرية تمنح روسيا فرصة لبقاء طويل الأمد في قواعـ.ـدها بسوريا
تمكنت روسيا بخبرتها الدبلوماسية من تحييد المواقف العدائية مع السلطة الجديدة في دمشق، وإطالة فترة بقاء قواعدها في الساحل السوري، حيث لم تصدر سلطة دمشق أي قرار حاسم بشأنها. وتعد موسكو من أبرز حلفاء الدولة السورية منذ حقبة الاتحاد السوفيتي، وتربطهما اتفاقيات استراتيجية يصعب حلها في الوقت الراهن، كما ولعبت دور محوري في منع سقوط النظام البعثي بعد تدخلها المباشر في الأزمة السورية عام 2015، إلا إن السقوط الدراماتيكي للنظام في نهاية العام 2024 وعدم استجابة روسيا لطلب المساعدة المقدم من بشار الأسد أثار شكوكاً حول وجود صفقة محتملة تشكل روسيا أحد أطرافها.
ويلاقي الوجود الروسي في سوريا معارضة من قبل أوروبا والولايات المتحدة التي تتضمن أحد شروطها لرفع العقوبات عن سوريا انسحاب روسيا. وفي السياق قال متحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية، لوكالة “رويترز”، الأحد، إن سقوط نظام الأسد يضع سوريا أمام فرصة “لكي تتوقف عن الخضوع لسيطرة النفوذ الإيراني أو الروسي”. وأشارت “رويترز” إلى أن دمشق تريد تعويضات عن الدمار الذي خلفته الحرب، وسط تقديرات أممية بأن إعادة الإعمار قد تتطلب 400 مليار دو.لار، إلا أن المواقف الروسية تشير إلى استبعاد فكرة تقبل موسكو “المسؤولية”، وقد تقترح بدلاً من ذلك مساعدات إنسانية.
وفي سياق متصل نقلت وكالة “رويترز” عن أربعة مصادر مطلعة، أن إسرائيل تضغط على الولايات المتحدة، للسماح لروسيا بالاحتفاظ بقاعدتيها العسكريتين في طرطوس واللاذقية، لمواجهة النفوذ التركي المتزايد في البلاد، وأوصحت المصادر أن إسرائيل تشعر حالياً بقلق بالغ إزاء الدور الذي تلعبه تركيا بصفتها حليفاًّ مقرباً من الإدارة الجديدة في سوريا.
وتشير مصادر إلى أن سلطة دمشق تسعى إلى إعادة التفاوض على تأجير قاعدة طرطوس لمدة 49 عاماً الذي تم في عهد نظام السابق، وعقد إيجار غير محدد المدة لقاعدة حميميم بريف اللاذقية من أجل التوصل لاتفاق أفضل، مؤكدة إن الشرع لا يبدو أنه يريد إقصاء موسكو كلياً من سوريا، وذلك بهدف الحصول على دعم دبلوماسي وتعويض مالي من روسيا، خاصة أن استعادة الإمدادات الروسية التقليدية من الأسلحة والوقود والقمح قد تكون بمثابة شريان حياة.
وكشفت صحيفة “يديعوت أحرونوت”، عن مساع إسرائيلية لتعزيز العلاقة مع روسيا، والحفاظ على نفوذ موسكو في سوريا بعد سقوط النظام الأسد. وأشارت إلى ان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أرسل سكرتيره العسكري اللواء رومان غوفمان، إلى موسكو، مؤخراً، بهدف إرسال إشارة واضحة إلى أن إسرائيل تفضل الروس على الأتراك في سوريا، وتحاول فعلياً دفع أنقرة إلى الخروج من سوريا.
ويؤكد مراقبون على وجود مصلحة إيرانية أيضاً في لعب روسيا دوراً موازناً للنفوذ التركي في سوريا، وقالت وكالة تسنيم إن المتحدث باسم الخارجية الإيرانية إسماعيل بقائي انتقد تصريحات فيدان “الوقحة” بشأن سياسات إيران في المنطقة، واتهم تركيا بأنها “تتعامى عن الأيادي الأميركية والإسرائيلية السرية والخفية في تطورات المنطقة”، ووصف كلام فيدان بأنه “خطأ كبير”. يُذكر أن مستشار المرشد الإيراني الأعلى، علي أكبر ولايتي، هاجم تركيا بشدة في كانون الأول 2024، وقال إنها “تحولت إلى أداة بيد أميركا وإسرائيل”…
ويرى خبراء أن روسيا نجحت حتى الآن في امتصاص صدمة سقوط النظام البعثي والتقليل من تأثير ذلك على مصالحها في المنطقة، باستغلالها لقضية التوازنات العسكرية التي تمنحها فرصة لبقاء طويل الأمد في قواعدها بسوريا…
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.