انسحاب دمشق من اجتماعات باريس… إشارة جديدة على تعمّق العزلة السيـ.ـاسية
في مشهد يسلّط الضوء على تعقيدات الأزمة السورية، أعلنت سلطة دمشق عن انسحابها المفاجئ من الاجتماعات التي كان مقرراً عقدها في باريس، والمخصصة لبحث مسارات الحل والحوار مع الأطراف السورية الأخرى. الخطوة، التي تزامنت مع زيارة وزير الخارجية التركي إلى دمشق في 9 أغسطس 2025، حملت رسائل سياسية واضحة عكست توجهاً نحو الانعزال بدل الانخراط في مسارات التفاوض.
جاء قرار الانسحاب بحجّة اعتبار “كونفرانس وحدة الموقف” لمكوّنات شمال وشرق سوريا خرقاً لاتفاقية 10 آذار، وفق ما نقلته وكالة الأنباء الرسمية ووسائل إعلام حكومية. لكن على الصعيد الدولي، رُبطت هذه الخطوة بسياق أوسع من فقدان الثقة وتراجع الاستعداد للمشاركة في مبادرات سياسية متعددة الأطراف.
يرى مراقبون أن تغيّب دمشق المتكرر عن منصات الحوار الدولي يضعف موقعها التفاوضي، ويمنح خصومها أوراق ضغط إضافية، خصوصاً في ملفات حساسة مثل إعادة الإعمار ورفع العقوبات. كما أن ترك مقاعدها شاغرة في محافل كهذه يفتح الباب أمام قوى إقليمية ودولية لرسم ترتيبات أمنية أو سياسية بديلة، قد تتعارض مع رؤيتها ومصالحها المركزية.
ويحذر محللون من أن استمرار هذه السياسة سيؤدي إلى تكريس صورة العزلة الدولية، ويقلّص فرص دمشق في انتزاع تنازلات سياسية أو اقتصادية. لذلك، تُطرح دعوات لتبنّي مقاربة أكثر براغماتية، تقوم على الانخراط المشروط والمنظم في المفاوضات، مع ضمان آليات واضحة تحافظ على المطالب السيادية، وتوفّر في الوقت ذاته فرصاً لاستعادة الثقة الدولية.
بهذا، يتحوّل الانسحاب من اجتماعات باريس من موقف تكتيكي قصير الأمد إلى مؤشر استراتيجي على اتجاه سياسي قد يكلف دمشق أثماناً باهظة في المستقبل، ما لم تتم إعادة تقييمه ضمن رؤية شاملة لإدارة الصراع والحوار.
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.