بالعلم والتعليم ترتقي الأمم، وتسمو الشعوب، وتخترق حجب المستحيل، وتحقق المعجزات. ويمكن معرفة فضل العلم بمقارنته مع الجهل؛ فالعلم نور، مرتعه واسع، والخوض فيه مأمون، وثماره نافعة ومكفولة. أما الجهل فظلام، مرتعه وخيم، والخوض فيه مضيعة، وثماره شائكة وضارة.
إن التعليم هو الركيزة الأساسية لبناء المجتمعات، فهو يطور القدرات الشخصية والفكرية، ويعزز الإبداع والتقدم الحضاري، ويساهم في الحفاظ على التراث الثقافي.
*التعليم في مناطق الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا
يمثل التعليم في مناطق الإدارة الذاتية نموذجاً متقدماً، حيث يقوم على بناء الإنسان من مختلف النواحي: الثقافية، الشخصية، والعقلية العلمية العصرية. ويُعتمد في ذلك على توفير الإمكانيات اللازمة لتحقيق المساواة بين جميع مكونات شمال وشرق سوريا، مع إتاحة فرص التعلم باللغات الأم.
وعلى النقيض من المناطق الخاضعة للاحتلال التركي وفصائله، التي تتخذ من اللغة التركية لغة رسمية متجاهلة اللغات الأصلية بهدف التتريك وربط تلك المناطق بالدولة التركية إذا سمحت الظروف، فإن واقع التعليم في مناطق الإدارة الذاتية يعكس قيم الديمقراطية والحرية. إنه تعليم حيّ يعمل على تكوين الذات والعقل، ويفتت كتلة الجهل الموروثة من النظام السابق.
*التعليم المتكافئ في مناطق الإدارة الذاتية
في هذه المناطق، تُشكّل المؤسسات التعليمية خط الدفاع الأول عن الهوية الوطنية، من خلال تعزيز التعددية اللغوية والثقافية. يتم تدريس الأطفال بلغاتهم الأم، مع إدراج لغات المكونات الأخرى ابتداءً من الصف الرابع، في خطوة تهدف لتعزيز التفاهم والعيش المشترك بين العرب والكرد والسريان.
كما أن المدارس تُوفر بيئة آمنة تضمن فرص التعليم المتكافئ وتحافظ على الهوية الوطنية، بدعم من برامج دولية وإنسانية، وعلى رأسها منظمة اليونيسف، من خلال برامج التعلم الذاتي والمراكز التعليمية في المخيمات والمناطق المتضررة، لضمان استمرار حق الأطفال في التعلم رغم ظروف النزوح والتوترات المستمرة.
*انعدام قيم التعليم في المناطق المحتلة
على العكس تماماً، تُعدّ المناطق المحتلة نموذجاً مضاداً لما تقدمه الإدارة الذاتية. إذ يواجه الأطفال هناك قيوداً صارمة على حقهم في التعليم، حيث فُرضت المناهج التركية بالكامل، وأُلغي أي محتوى يعكس الهوية الوطنية أو الثقافية الأصلية. كما جرى تغيير أسماء المدارس ورموزها، ورفع العلم التركي فوقها.
وبالإضافة إلى ذلك، تحولت بعض المدارس إلى مقرات عسكرية ومراكز اعتقال، فيما يُحرم آلاف الأطفال من التعليم بشكل متكرر. وتشير التقارير إلى انتشار الاستيلاء على المباني التعليمية، وغياب الحماية للأطفال، وحرمان الفئات الأكثر هشاشة من فرص التعلم، ما يفاقم أضرار الحرب على التعليم ويضع الأجيال أمام مأزق مستقبلي حقيقي.
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.