NORTH PULSE NETWORK NPN

من التضـ.ـييق إلى الاخـ.ـتناق.. تصـ.ـعيد جديد يطوّق أحياء الشيخ مقصود والأشرفية

 

تشهد أحياء الشيخ مقصود والأشرفية في مدينة حلب حالة تصعيد لافتة، مع تشديد غير مسبوق على حركة المدنيين، وسط استمرار إجراءات الإغلاق التي انعكست بشكل مباشر على تفاصيل الحياة اليومية للسكان، وأثارت مخاوف متزايدة من عودة سياسات الحصار التي عانت منها مناطق سورية عديدة خلال سنوات الصراع.

 

ووفق معطيات ميدانية، جرى تقليص مداخل الحيين بشكل حاد، حيث باتت حركة المركبات محصورة بطريقين فقط من أصل سبعة، هما طريق دوار الشيحان وطريق العوارض، فيما فُتحت ثلاثة مسارات محدودة لعبور المشاة، تشمل طلعة الأشرفية، طريق الجزيرة، وحديقة الأشرفية، إضافة إلى الطريقين المخصصين للسيارات. في المقابل، لا تزال طرق حيوية مثل دوار الليرمون ودوار الجندول مغلقة بالكامل، رغم أهميتها الاقتصادية والصناعية، ما تسبب بشلل شبه تام في حركة البضائع وتعطيل الورش والمعامل، وتكبيد أصحابها والعاملين فيها خسائر متزايدة.

 

مصادر مدنية في حلب أفادت بأن فصائل تابعة لسلطة دمشق، ولا سيما تلك الموالية لتركيا والمتمركزة عند حاجز الجزيرة، منعت مرور السيارات المدنية وقيّدت حركة السير، في خطوة وصفها الأهالي بأنها تضييق مباشر يستهدف السكان دون مبررات واضحة.

 

كما تحدثت مصادر أهلية عن تشديد إجراءات التفتيش على الحواجز، وتوسيع نطاق التدقيق في المقتنيات الشخصية، إلى جانب فحص الهويات، ما أدى إلى تأخير المدنيين لساعات طويلة، وزاد من معاناة المرضى وكبار السن والطلاب، في ظل غياب أي تسهيلات إنسانية.

 

ويأتي هذا التصعيد بعد أيام قليلة من هجمات عنيفة طالت حيي الشيخ مقصود والأشرفية، ذات الغالبية الكوردية، في 22 كانون الأول الجاري، باستخدام أسلحة متنوعة، بينها الدبابات والصواريخ، وأسفرت عن إصابة 19 مدنياً، إضافة إلى مقتل المواطنة فدوى محمد الكردي (57 عاماً)، ما فاقم حالة القلق وعدم الاستقرار في المنطقة.

 

ويرى ناشطون ومراقبون أن ما يجري اليوم يعيد إلى الأذهان سياسات الحصار والتجويع التي طُبّقت سابقاً في مناطق سورية عدة، والتي اعتمدت على خنق الأحياء ومنع الإمدادات الأساسية كالغذاء والدواء والمحروقات، واستخدام الضغط المعيشي كأداة سياسية وعسكرية، مخلفة أزمات إنسانية واسعة النطاق.

 

من الناحية القانونية، يعرّف القانون الدولي الإنساني الحصار بأنه تطويق منطقة ومنع وصول الإمدادات إليها.

ورغم عدم حظره بشكل مطلق، إلا أن اتفاقيات جنيف والبروتوكول الإضافي الأول تفرض قيوداً صارمة، أبرزها منع استهداف المدنيين أو استخدام التجويع كسلاح حرب، وضرورة السماح بمرور المساعدات الإنسانية وضمان وصول الاحتياجات الأساسية للسكان.

 

ويحذر خبراء قانونيون من أن أي إجراءات تؤدي إلى حرمان المدنيين من مقومات العيش، أو تفرض قيوداً جماعية على الحركة والحياة الاقتصادية، قد تشكل انتهاكاً جسيماً للقانون الدولي الإنساني، وقد ترقى إلى جرائم تستوجب المساءلة، خاصة عندما تطال البنية الاقتصادية والمعيشية بشكل مباشر.

 

في ظل هذا المشهد، يطالب أهالي الشيخ مقصود والأشرفية بفتح الطرق المغلقة دون استثناء، ورفع القيود المفروضة على حركة المدنيين، ووضع حد للسياسات التي تزيد من معاناتهم، مؤكدين أن المدنيين لا ينبغي أن يكونوا أداة ضغط أو ضحية لصراعات سياسية وعسكرية، وأن استمرار هذا الواقع ينذر بتداعيات إنسانية خطيرة.

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.