NORTH PULSE NETWORK NPN

تعزيزات متزايدة للأطراف المتصارعة… هل الوضع في إدلب على وشك الانفجار؟

محمد محمد – نورث بالس

دفع الاتفاق الروسي – التركي حول إدلب، عند توقيعه في موسكو مطلع مارس/آذار الماضي بعد شهور من التصعيد، البعض ليتحدث عن قرب انتهاء معضلة هذه المدينة، ولكن سرعان ما تبيّن أن هذا الاتفاق لا يختلف في الجوهر عن سابقيه.

ودخل الاتفاق، منذ أيام، شهره السادس، وسط معطيات عسكرية وميدانية تشير بشكل واضح إلى أنه على وشك الانهيار في ظل حشود مستمرة من قوات الحكومة السورية على ريف إدلب الجنوبي، مع عودة القصف الجوي من قبل الطيران الروسي على مواقع الفصائل المدعومة من تركيا، بالتزامن مع استمرار تركيا بإرسال التعزيزات.

هذا وتوجهت أرتال عسكرية للقوات الحكومية إلى ريف إدلب الشرقي وحلب الجنوبي والجنوبي الغربي، لتتمركز في مواقع جديدة في محيط كفرنبل ومنطقة جبل الزاوية في ريف إدلب الجنوبي،ومن جانب آخر،رصد المرصد السوري لحقوق الإنساندخول رتل جديد للقوات التركية من معبر كفرلوسين شمال إدلب، يضم دبابات وعربات مصفحة ومواد لوجستية.

فيما يمكن اعتبار زيادة تركيا من تعزيزاتها إلى ادلب كرسالة تحاول منها حفظ التوازن في المنطقة أقله على الصعيد الإعلامي، لكنها لا يمكن أن تدخل في أي تصادم على الأرض سواء مع القوات الحكومية أو الروس أو حتى الإيرانيين.

وتشير المعطيات بأن ما يجري على أرض الواقع هي هدنة مؤقتة في منطقة إدلب و”خفض التصعيد”، والتأخير الروسي في تحريك أي عمل عسكري في محيط الطريق الدولي M4 أو باتجاه منطقة معبر باب الهوى يتعلق بعوامل عدة، أولها جائحة فيروس كورونا المستجد، وثانيها تعقيد المشهد في ليبيا وتناحر الطرفين الشريكين في سوريا (روسيا وتركيا)، واهتمامهم بالتركيز على ذلك الملف رغم أن روسيا تسعى أكثر من تركيا للمساومة في ليبيا عبر سوريا.

أما ثالث تلك العوامل هي محاولة منع تعطل التفاهمات الروسية – التركية في شرق الفرات، حيث يرى مراقبون أن هذا العامل هو الذي سيعود بالتصعيد إلى شمال غربي سوريا بسبب ارتفاع مستوى الدور الأميركي هناك وهو الذي من شأنه تعطيل أي تفاهمات كان يمكن تطبيقها بين الروس والأتراك وبالأخص تبادل مناطق نفوذ شرق الفرات وغربه، إضافة إلى عامل آخر رابع وهو انتهاء المهلة التي وضعتها روسيا لتركيا بخصوص تصفية وجود الجماعات الجهادية في إدلب، وهو ما لم يتم خلال الفترة الماضية، لأسباب تتعلق برغبة تركيا في استثمار هذه الورقة إلى وقتها المناسب بحسب رؤيتها.

فإدلب اليوم وبحسب آخر المجريات على الساحة ينتظر تصعيد عسكري من جانب موسكو ودمشق، وقد يأتي بعد الجلسة الثالثة من اللجنة الدستورية (أواخر الشهر الجاري)، أو حتى أثناء انعقادها، التسخين يزداد في المنطقة هناك، وروسيا واضحة في هدفها الذي قد لا تختلف معها عليه تركيا ضمنياً وهو إحكام السيطرة على محيط الطريق الدولي M4، وكذلك الوصول إلى معبر باب الهوى.

ويسيطر على معبر باب الهوى الوحيد لدخول المساعدات الانسانية “هيئة تحرير الشام”وفتحه من قبل روسيا ما هو إلا مقدمة لتحريك عمل عسكري صوب تلك المنطقة، فضمن الرؤية الروسية فإن موسكو لن تقبل تمرير المساعدات عبر منطقة ومعبر يسيطر عليها تنظيم مصنف على قوائم الإرهاب الدولية.

إذ يمكن القول بأن إنهاء وقف إطلاق النار هو حاصل فعلياً على الأرض، فروسيا لا مشكلة لديها في ذلك، وهي تدرك صعوبة تحييد الملف السوري عن باقي الملفات المشتركة مع تركيا وبالأخص في ليبيا، وتسعى كل من موسكو ودمشق للسيطرة على محيط الطريق الدولي حلب-اللاذقية وكذلك الوصول إلى معبر باب الهوى، ولن يكون الطرفان بوارد أكثر من هذا التوجه، طبعاً روسيا تدرك أنها قد تمنح بالمقابل أوراق ترضي تركيا سواء في سوريا أو خارجها، وبغير ذلك فإن تفجر الوضع وانهيار كل التفاهمات هو الذي سيفرض نفسه خلال المرحلة المقبلة.

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.