NORTH PULSE NETWORK NPN

السياسة الخارجية التركية تغرق في مطبات يصعب تجاوزها

نورث بالس

بالرغم من محاولتها تطبيع علاقتها مع اليونان وأرمينيا والسعودية وغيرها من القوى الإقليمية، إلا أن تركيا ستواجه مطبات في سياساتها الخارجية يصعب تجاوزها، خاصة أنها تتزامن مع تدهور اقتصادي داخلي فاقم من الضغوط على السلطات بقيادة الرئيس رجب طيب أردوغان.

وحاولت تركيا في السنوات الأخيرة تعزيز مكانتها على الساحة الدولية، لكن ذلك أدى إلى توسع دائرة الخصوم، وفي مقدمتهم قوى كانت حليفة لأنقرة على غرار الولايات المتحدة.

ويفسر متابعون ذلك بالتهور الذي اتسمت به سياسات تركيا الخارجية بقيادة أردوغان، خاصة من خلال التدخل في أكثر من منطقة في العالم سواء باستجلاب المرتزقة أو غير ذلك، على غرار ما قامت به في النزاع الليبي أو النزاع حول ناغورني قرة باغ بين أرمينيا وأذربيجان.

وبعد هذه التدخلات التي فاقمت خلافات تركيا مع قوى إقليمية عدة على غرار مصر وفرنسا وغيرهما، دفعت الحكومة التركية بجهود تستهدف تطبيع العلاقات مع تلك القوى، لكن سياساتها تبقى غير ثابتة بما يبعد أي احتمال لانفراجة في تلك الخلافات.

ويرى محللون أتراك أنه لا يمكن التعويل على الحوار الجاري مع اليونان بسبب اضطراب السياسة التركية، حيث تراوح أنقرة بين فتح قنوات تواصل مع أثينا والتهديد بالتصعيد في شرق المتوسط.

وعلى النقيض من ذلك، فإن محاولة التطبيع مع أرمينيا وإسرائيل ومصر والسعودية يمكن أن تترك بصماتها في العام الحالي، لكنها لا تزال أجندات وخططا ومحاولات وحوارات أولية لم تثمر نتائج مهمة بعدُ.

وكانت هناك متغيرات إقليمية لافتة، خاصة اتفاقات أبراهام للتطبيع بين إسرائيل وعدد من الدول العربية، بينما ظلت السياسة الخارجية التركية متأزمة مع تل أبيب في 2021.

واعتبر الكاتب برهان الدين دوران أن “هذا التأزم انبثق عنه سعي لاستجابة تركيا للاعبين إقليميين آخرين، لأنها خلصت إلى أن الوضع يتغير بينما السياسة الخارجية التركية متخبطة وانفعالية”.

وأضاف دوران أنه “من أجل فهم السياسة الخارجية التركية في 2022 يحتاج المرء إلى توضيح النقطة التالية بوضوح شديد: في ظل قيادة أردوغان أرادت تركيا منذ فترة طويلة تعزيز مكانتها الدولية، وكان ذلك طموحا مشروعا من جانب، وينطوي على سلوك متهور واستجابات انفعالية من جانب آخر، من خلال التقاطع مع مصالح دول عظمى وإقليمية”.

وتابع أن “أردوغان مثلا اتجه إلى استنزاف طاقات تركيا باستخدام القوة الصلبة، وهو ما يناقض سياسة التطبيع وحسن النوايا”.

وتضاف إلى هذه المشكلات، تأزم العلاقات التركية – الأميركية في العام 2022 لأسباب عدة، يبقى أبرزها تحدي أنقرة واشنطن من خلال شراء منظومة الدفاع الجوي الروسية أس – 400، علاوة على انتهاكات حقوق الإنسان التي تشهدها البلاد في ظل قيادة أردوغان.

وأدت هذه الأزمات إلى تغيّر واضح في السياسة التركية في محاولة من أردوغان لفك العزلة التي باتت ترزح تحت وطأتها بلاده في نهاية العام 2021، من خلال إعلانات للرئيس التركي بأنه سيزور مصر والسعودية.

وجاءت إعلانات أردوغان التي كان آخرها الاثنين عندما صرّح بأنه سيزور الشهر المقبل السعودية، في أعقاب زيارة أداها ولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان إلى تركيا، وهو ما يؤشر على أن الرئيس التركي أدرك أهمية التخلي عن الشعارات وتحسين العلاقات مع القوى الإقليمية والتفكير في المصالح.

ومع ذلك، يعتقد مراقبون أن تصحيح مسار السياسة الخارجية التركية يبقى هدفا صعب المنال، خاصة بعد التدخلات التي قامت بها أنقرة في عدد من مناطق العالم على غرار ليبيا، وعدم التخلي عن دعم جماعات إسلامية متشددة، في تحد لقوى إقليمية مؤثرة مثل مصر.

ويرى دوران أن “السياسة الخارجية التركية ستكون محملة بالإشكالات والتعقيدات في عام 2022”.

ويأتي ذلك في وقت لا يملك فيه أردوغان الكثير من الخيارات، خاصة في ظل الأزمة الاقتصادية التي تعيشها بلاده على وقع الانهيار اليومي لليرة التركية مقارنة بالدولار الأميركي، وارتفاع نسب التضخم.

ويراهن الرئيس التركي على سياسة خارجية ناجعة في العام الحالي لتحسين الأوضاع الداخلية، بما يضمن استعادة شعبيته قبل الانتخابات العامة المقرر تنظيمها العام المقبل، وذلك في حال عدم اللجوء إلى انتخابات مبكرة لوقف التدهور الاقتصادي الذي تعيشه البلاد، والذي بات ينذر بحدوث هزات اجتماعية.

المصدر: صحيفة العرب

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.