NORTH PULSE NETWORK NPN

“الرقمية وعقلنا… التوازن الهش بين التكنولوجيا والصحة النفسية”

نورث بالس

نعيش عصراً تتسارع فيه وتيرة التطور التكنولوجي، حيث برز الهاتف الذكي كرفيق يومي ضروري، محولاً آليات تواصلنا، عملنا، ووصولنا للمعلومة. ولكن، بالتوازي مع فوائده الجمّة، تبرز مخاوف متنامية حول تأثيراته على الصحة النفسية لجيل كان في طليعة هذه الثورة الرقمية إذ يقف هذا الجيل على أعتاب أزمة نفسية محتملة.

 

لقد غيّر انتشار الهواتف الذكية بشكل جذري نمط حياتنا، مُتيحاً لنا الاتصال دون انقطاع وسهولة الوصول للمعلومات، لكن تبقى لهذا الارتباط الدائم تكلفته؛ إذ تسهم منصات التواصل الاجتماعي بالرغم من قصدها بناء الجسور أحياناً في تعزيز مشاعر العزلة تلقي الحياة المثالية المُصورة على هذه المنصات بظلال من الشكوك حول الذات، مُسببة توقعات غير واقعية وشعور بعدم الجدارة.

 

كما أن الاستجابات الفورية التي توفرها الهواتف الذكية أبهمت الفواصل بين العمل والخصوصية وهذه الظاهرة، المعروفة باسم “التكنوسترس”، قد تقود إلى التعب، القلق، وتدهور الصحة النفسية عموماً.

 

بالغ الأثر هو تأثير الهواتف الذكية على النوم، إذ يتقاطع الضوء الأزرق المنبعث من الشاشات مع إنتاج الميلاتونين – الهرمون الناظم للنوم. ينتج عن الاستخدام المطول للشاشات، خاصةً قبيل النوم، تردٍ في نوعية النوم، مُشكلاً تعباً، تقلبات مزاجية وانخفاض في الوظائف العقلية.

 

إن تنمية علاقة متوازنة مع التكنولوجيا، تتطلب تحديد حدود واضحة؛ قد يُسهم تخصيص أوقات وأماكن دون تكنولوجيا في إفساح المجال للانغماس في نشاطات تفاعلية حقيقية وتطوير ذاتي.

 

كما أن الإجراءات الهيكلية لازمة؛ يجب على المدارس، الأهالي وصناع القرار التعاضد لوضع معايير تقنّن وقت التفاعل مع الشاشات لدى الناشئة بترسيخ أسلوب حياة متكامل يضم الأنشطة الخارجية، التواصل الشخصي والإبداع.

 

وفي نهاية المطاف، ترتبط الهواتف الذكية بلا ريب بمنافع جمّة لحياتنا، لكن لا ينبغي لنا إغفال الخسائر المحتملة على صحتنا النفسية. بالإقرار بتحديات الاستخدام المفرط للهواتف وبالمبادرة بحلول وقائية، نرسم مستقبلاً لجيل يُزهر عبر الإنترنت وخارجه تقع على عاتقنا مسؤولية مشتركة للحيلولة دون أن يؤثر تقدُمنا التكنولوجي على رفاهيتنا النفسية.

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.