تحذيرات من مصادرة قرار الحوار الوطني السوري بعد التفرد بالسلطة
لا تزال سوريا تعيش إرهاصات تشكل نظام حكم جديد منذ سقوط النظام لم تتم معرفة طبيعته حتى اللحظة، إلا أن معظم المعطيات على أرض الواقع في دمشق والداخل السوري تشير إلى استئثار جهة وحيدة بالقرار السيادي السوري، تمثل ذلك بهيمنة “هيئة تحرير الشام” على السلطة في دمشق من خلال الحكومة والأمن والسياسة الخارجية، ورغم الدعوات الدولية والنخب السورية لمشاركة جميع السوريين في بناء الدولة السورية دون إقصاء، نصبت السلطة الجديدة نفسها مجدداً على قمة هرم السلطة في دمشق في مؤتمر تم تسميته “مؤتمر النصر” لم يحضره أي من المكونات الوطنية السورية، واستمراراً لهذا النهج أعلن ليلة الأربعاء عن تشكيل ما يسمى “اللجنة التحضيرية لمؤتمر الحوار الوطني” والمكونة من 5 أشخاص كان أول تصريح لها على المستوى الوطني إقصاء ممثلي شمال وشرق سوريا عن المؤتمر، حيث أدلى عضو اللجنة “حسن الدغيم” بتصريحات إقصائية استهدفت قوات سوريا الديمقراطية بوصفها كياناً لا يمثل السوريين.
وقال رياض درار (مستشار الهيئة الرئاسية في مجلس سوريا الديمقراطية) في لقاء مع قناة “الحدث” الخميس أن حديث “حسن الدغيم” عن “قسد” يحمل “مغالطة” مؤكداً في الوقت ذاته بأن المجلس والإدارة الذاتية يمثلان الشعب السوري ويمكنهما المشاركة في المؤتمر الوطني.
ويرى مراقبون أن المطالب الدولية للسلطة الجديدة في دمشق والوعود التي تقدمها هذه السلطة لا يتم ترجمتها عملياً على أرض الواقع، حيث لا تزال الانتهاكات لدوافع سياسية وطائفية وانتقامية مستمرة في مناطق في حمص والساحل وريف دمشق وحماه، ولا تزال الفصائل الموالية لتركيا والتي انضمت إلى وزارة الدفاع التابعة لسلطة دمشق ترتكب انتهاكات يومية في المناطق المحتلة من قبل تركيا في الشمال السوري وتنفذ هجمات خطيرة على سد تشرين وأرياف كوباني وتل أبيض وتل تمر.
ونوهت السفيرة باربرا وودورد (المندوب البريطاني الدائم لدى الأمم المتحدة) في جلسة لمجلس الأمن حول سوريا، الأربعاء، إلى أن “عملية الانتقال السياسي في سوريا يجب ألا تفشل” وطالبت بتشكيل حكومة انتقالية ممثلة للجميع وتحترم حقوق جميع السوريين وتكفل سلامتهم، وأضافت “نتوقع أن نرى تعيينات في هذه الحكومة من كافة أنحاء سوريا”. من جانبه قال غير بيدرسون (المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا) خلال كلمته أمام مجلس الأمن الدولي الأربعاء، أن الانتقال السياسي “الشامل والموثوق والشفاف” يظل المسار الأفضل والوحيد لمعالجة التحديات “الضخمة التي لا تحصى” في سوريا، وأكد بيدرسون إن قيادة سلطات تصريف الأعمال تعهدت علناً وأمامه “بأن سوريا الجديدة ستكون لجميع السوريين، ومبنية على أسس شاملة وموثوقة”. إلا أنه أعرب عن قلقه الشديد، إزاء استمرار الصراع في شمال شرق سوريا، على الرغم من ترحيبه بفتح قناة مباشرة، بين حكومة تصريف الأعمال وقوات “قسد”. وخلال مؤتمر باريس حول سوريا الذي عقد الخميس، دعا وزير الخارجية الفرنسي “جان نويل بارو” السلطة في دمشق إلى ضرورة إشراك كافة أطياف المجتمع السوري في تحديد مستقبل سوريا، من جانبه شدد الرئيس الفرنسي على أهمية دور قوات سوريا الديمقراطية في محاربة الإرهاب داعياً إلى دمجها في القوات الوطنية السورية للمساعدة في محاربة تنظيم داعـ.ـش.
ونقل المرصد السوري لحقوق الإنسان عن مختصين في الشأن الحقوقي والقانوني أن التفرد بتشكيل اللجنة التحضيرية يصُب في خانة تقسيم البلاد سيما وأنها لم تشمل الألوان السياسية والدينية والعرقية والطائفية ومختلف المكونات، ويتخوف هؤلاء من أن يستمر طغيان اللون الواحد على المشهد السياسي المقبل كما في السابق. وأكد أن الخطوة لاقت غضب من المجتمع المدني والأحزاب التي اعتبرت القرار “تعسفياً” ولا تخدم أهداف الثورة التي ضحى من أجلها الشعب السوري. وفي مقابلة مع المرصد السوري قال صالح مسلم (الرئيس المشترك السابق لحزب الاتحاد الديمقراطي) أن اللجنة “تشكلت من لون واحد وبتطعيم يُلبي مطالب خارجية ولا تراعي التنوع السوري من حيث الإنتماء العرقي والعقائدي” وأعـ.ـرب عن مخاوف تتمثل بدعوة الشخصيات والأطراف التي “تتوافق مع رغبات التيارات السلفية ومقربة من أطراف متورطة في النزاع السوري بهدف تحقيق أطماعها بدلاً من مصالح الشعب السوري”.
تأتي هذه التطورات بعد أن أبدى نائب مساعد الرئيس الأميركي ومدير مكافحة الإرهاب في مجلس الأمن القومي الأميركي، سباستيان غوركا، رأيه في زعيم السلطة الجديدة في دمشق “أحمد الشرع” في مقابلة مع قناة “الحرة” وقال “أنا درست الحركات الجهادية 24 سنة، لم أر أبداً قائداً جهادياً ناجحاً يصبح ديمقراطياً أو يؤمن بحكومة تمثيلية”، وأشار إلى أنه لا يسيطر عل كامل سوريا..
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.