الأز.مة السيـ.ـاسية والفـ.ـوضى الأمـ.ـنية العـ.ـائق الأكبر أمام التعـ.ـافي الاقتصادي في سوريا
تشكل الأزمة السياسية التي تشهدها سوريا من أكبر العوائق أمام التعافي الاقتصادي في البلاد، وعلى الرغم من تكبد السوريين لخسائر مادية وبشرية هائلة في سياق عملية الإطاحة بالنظام، تسعى السلطة الجديدة في دمشق إلى التفرد بالقرار السيادي وطرح مبادرات للحوار الوطني كنوع من تنفيس الاحتقان داخل النفوس كما يقول أحد السياسيين، ما يعني أن سوريا تشهد حالة عدم يقين حول مستقبلها، وهذا ما لا يفسح المجال لحل الأزمة الاقتصادية في البلاد، ولن تقدم أية شركة على استثمار أموالها في سوريا في ظل غياب الاستقرار وعدم تطبيق القرارات الدولية وخاصة القرار 2254 التي أفضت إلى تمديد العقوبات على سوريا لسنوات أخرى. ورغم الزيارات الودية التي يجريها مسؤولي السلطة الجديدة والوعود التي يقدمونها إلا أنها تبدو عاجزة عن كسب مبادرة دولية جادة لتحسين الوضع الاقتصادي شبه المنهار في البلاد، ومايؤكد على هذا الأمر تصريح للمبعوث الأممي إلى سوريا غير بيدرسن، الذي أكد إن إنشاء حكومة شاملة في سوريا خلال الأسابيع المقبلة سيساعد في تحديد ما إذا كان سيتم رفع العقوبات الغربية مع إعادة بناء البلاد.
وقال برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في تقريره الأخير الذي حمل عنوان “تأثير الصراع في سوريا: اقتصاد مُدمَر وفقر مستشر وطريق صعب إلى الأمام نحو التعافي الاجتماعي والاقتصادي”، إن 14 عاما من الصراع في سوريا أفسدت ما يقرب من أربعة عقود من التقدم الاقتصادي والاجتماعي ورأس المال البشري. وقدم التقرير معلومات مفصلة عن آثار الصراع تمثلت:
• خسارة نحو 800 مليار دو.لار من الناتج المحلي الإجمالي على مدار 14 عاما.
• 3 من كل أربعة أشخاص يعتمدون على المساعدات الإنسانية ويحتاجون إلى دعم التنمية في المجالات الأساسية للصحة والتعليم وفقر الدخل والبطالة وانعدام الأمن الغذائي والمياه والصرف الصحي والطاقة والإسكان.
• تضاعف معدل الفقر ثلاث مرات تقريبا من 33% قبل الصراع إلى 90% اليوم.
• تضاعف الفقر المدقع 6 أضعاف، من 11% إلى 66%.
• تم تدمير ما يقرب من ثلث الوحدات السكنية أو تضررت بشدة خلال سنوات الصراع، مما ترك 5.7 مليون شخص في سوريا في حاجة إلى دعم المأوى اليوم.
• تضررت أكثر من نصف محطات معالجة المياه وأنظمة الصرف الصحي أو أصبحت غير صالحة للعمل، مما ترك ما يقرب من 14 مليون شخص – أي نصف السكان – بدون مياه نظيفة وصرف صحي ونظافة.
• انخفض إنتاج الطاقة بنسبة 80%، مع تضرر أكثر من 70% من محطات الطاقة وخطوط النقل، مما أدى إلى تقليص قدرة الشبكة الوطنية بأكثر من ثلاثة أرباع.
ووصفت صحيفة “فايننشال تايمز” البريطانية سوريا بأنها “دولة مفلسة أنهكتها الحرب وحولت مدنها على مدار سنوات إلى أنقاض، وسط العقوبات الغربية”. وفي السياق يرى محللون في الشأن الاقتصادي أن هناك عوائق كبيرة أمام عودة أصحاب رؤوس الأموال السوريين إلى البلاد، بسبب غياب الاستقرار والعقوبات الدولية وعدم إصدار سلطة دمشق لقوانين تحفز الاستثمار أو تؤمن قطاع الطاقة في البلاد، بالإضافة إلى ضعف القدرة الشرائية لدى غالبية السوريين.
ووفقاً لتقرير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، لن يستعيد الاقتصاد السوري مستواه قبل الصراع من الناتج المحلي الإجمالي قبل عام 2080، موضحا أنه لابد أن يرتفع النمو الاقتصادي السنوي ستة أضعاف لتقصير فترة التعافي إلى عشر سنوات. وقال أخيم شتاينر (مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي) أن التعافي الاقتصادي في سوريا يتطلب استثماراً طويل الأجل في التنمية لبناء الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي لشعبها. وأوضح: “إن استعادة الإنتاجية من أجل خلق فرص العمل وتخفيف حدة الفقر، وتنشيط الزراعة من أجل تحقيق الأمن الغذائي، وإعادة بناء البنية التحتية للخدمات الأساسية مثل الرعاية الصحية والتعليم والطاقة، كلها عوامل أساسية لتحقيق مستقبل مستدام، والازدهار، والسلام”. ورغم العقوبات وانهيار البنية التحتية وغياب الاستقرار أكد باسل عبد الحنان (وزير الاقتصاد لدى الحكومة الانتقالية في دمشق) في لقاء اعلامي أن “عاماً واحداً كفيل بتحقيق تغير في الاقتصاد السوري”، من خلال إعادة هيكلة المؤسسات بما يتلاءم مع نظام السوق الحرة، وتعديل القوانين والتشريعات المعرقلة وفقاً لها، والعمل على خطط إسعافية قصيرة الأجل ريثما يتعافى الاقتصاد.
ويؤكد المراقبون أن هناك عدة عوامل رئيسية وراء استمرار الأزمة الاقتصادية السورية ، أبرزها: العقوبات الغربية وعدم الوصول إلى اتفاق مع الإدارة الذاتية وغياب الاستقرار واستمرار العمليات الانتقامية وفرض السلطة بالقوة في الداخل السوري، وعدم امتلاك سلطة دمشق الخبرة الاقتصادية اللازمة والعجز عن الاستجابة البراغماتية للأزمة تمثل ذلك بطرد العشرات من أصحاب رؤوس الأموال بتهمة التعامل مع النظام وفسح المجال لأصحاب الشركات التركية بزيارة دمشق وحلب. وبدون حل هذه القضايا ستستمر الأزمة الاقتصاد لعقود أخرى وقد تنجم عنها أزمة سياسية جديدة وبروز نزاعات مسلحة جديدة.
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.