NORTH PULSE NETWORK NPN

الكرد في سوريا.. تاريخ عريق وجذور راسخة

يمتد الوجود الكردي في سوريا إلى آلاف السنين، حيث كان الكرد جزءا من الحضارات القديمة التي قامت في المنطقة. من الهوريين والميتانيين في العصور القديمة إلى الميديين والصفويين في فترات لاحقة، لعب الكرد دورا محوريا في التاريخ السياسي والثقافي للمنطقة. ورغم التحديات السياسية، ظل الكرد أحد المكوّنات الأساسية في النسيج السوري، محافظين على هويتهم وثقافتهم.

 

الكرد في سوريا قبل الميلاد

 

ظهرت أولى التجمعات الكردية في سوريا الحالية مع الحضارات السوبارية والهورية منذ الألف الثالث قبل الميلاد.

 

وقد أسس الهوريون ممالك مؤثرة، أبرزها مملكة ميتاني التي برزت في القرن السادس عشر قبل الميلاد وامتدت حتى مناطق واسعة من شمال سوريا.

 

وعلى مر الزمن، تقاطعت مصائر الكرد مع الإمبراطوريات الكبرى مثل الآشوريين والبابليين، وصولًا إلى الحكم الميدي الذي قضى على الدولة الآشورية عام 612 ق.م.

 

وقد أثبتت الاكتشافات الأثرية في الجزيرة السورية، مثل تل براك وتل موزان، الوجود التاريخي العريق للحضارات الكردية، حيث تم العثور على معابد وقصور ملكية تعود إلى الممالك الهورية والميتانية، مما يؤكد على عمق الوجود الكردي في شمال سوريا منذ العصور القديمة.

 

الوجود الكردي في ظل الدول الإسلامية والعثمانية

 

مع دخول الإسلام إلى المنطقة، شارك الكرد في بناء الحضارة الإسلامية وساهموا في الحركات السياسية والعسكرية، وكان لهم دور بارز في الدفاع عن المنطقة خلال الحروب الصليبية، حيث قاد صلاح الدين الأيوبي، ذو الأصول الكردية، الجيوش الإسلامية لاستعادة القدس عام 1187م.

 

وخلال الحكم العثماني، استمر الوجود الكردي في مناطق الجزيرة وعفرين وجبل الأكراد، وبرزت الإمارات الكردية مثل إمارة جانبولات وإمارة بدرخان باشا وإمارة إبراهيم باشا المللي، التي حكمت مناطق واسعة من شمال سوريا.

 

الكرد في سوريا الحديثة

 

بعد انهيار الدولة العثمانية ورسم الحدود الحديثة، وجد الكرد أنفسهم مقسمين بين عدة دول، منها سوريا. ورغم محاولات التهميش والإقصاء التي تعرضوا لها في فترات معينة، استمر الكرد في الحفاظ على هويتهم الثقافية والسياسية، وكان لهم دور مهم في تطورات المنطقة خلال العقود الأخيرة.

 

اليوم، تشكل مناطق الإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا نموذجا لإدارة المجتمعات المتنوعة، حيث يعمل الكرد جنبا إلى جنب مع باقي المكونات من عرب وسريان وغيرهم، لبناء نموذج ديمقراطي يراعي التنوع والتعددية.

 

 

يظل الكرد جزءا أصيلًا من تاريخ سوريا وحاضرها، وقد ساهموا عبر العصور في تشكيل هوية المنطقة سياسياً وثقافياً.

 

ورغم التحديات التي واجهوها، فإنهم لا يزالون يسعون للحفاظ على حقوقهم، ضمن إطار التعايش المشترك وبناء مستقبل أكثر استقرارا وعدالة لكل مكونات المنطقة.

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.