NORTH PULSE NETWORK NPN

لتوسيع المساحات الخضراء.. الإدارة الذاتية تكثف من حملات التشجير في مقاطعة الجزيرة

 

تسبب الجفاف الحاد الذي ضرب المنطقة منذ العام 2007م بتدهور كبير في المساحات الخضراء نتيجة تقلص الغطاء النباتي وازدياد معدلات التصحر، وما زاد من الأزمة قطع تركيا لمياه أنهار الخابور والفرات والبليخ، الأمر الذي خلف آثاراً سلبية على البيئة وعلى الزراعة الذي يعتبر العمود الفقري للاقتصاد المحلي في مقاطعة الجزيرة. كما وأدت سياسة النظام البعثي على إجبار فلاحي الجزيرة على زراعة المحاصيل الحقلية والقطن إلى تراجع الاهتمام بزراعة الأشجار المثمرة والحراجية خاصة بعد تحول المحاصيل الحقلية إلى مصدر دخل رئيسي لأهالي الريف، ويبدو أنهم يدفعون ضريبة ذلك في ظل التغير المناخي الذي تشهده المنطقة.

في هذا السياق، واستناداً إلى مقترحات المهندسين الزراعيين اعتمدت الإدارة الذاتية سياسة تشجير ممنهجة لتوسيع المساحات الخضراء في أرياف مقاطعة الجزيرة وتمكنت من تحويله ولو نسبياً إلى ثقافة عامة من خلال حملات التشجير السنوية وخاصة في شهر نيسان. ويوم الأحد الفائت، أعلنت لجنة الزراعة والثروة الحيوانية في مقاطعة الجزيرة عن نجاحها في غرس 3100 شجرة زيتون من صنف “القزمي الإسباني” في ريف المقاطعة، إلى جانب زراعة 150 شجرة عنب من صنـف “حلواني” مدعومة بأنظمة ري حديثة لتحسين كفاءة استهلاك المياه وضمان استدامة الموارد. وذلك بهدف توسيـع المساحـات الخضراء وتنـمية البيئة الطبيعية بزيادة الغطاء النباتي ومكافحة التصـ.ـحر، وفي محمية “آزادي” الواقعة قرب “سـد چل آغا” تم حتى الآن زراعة أكثـر من 800 شجرة سرو، إلى جانب 450 شجرة من أنواع الفواكه المختلفة، وحوالي 600 شجرة رمان زُرعت في سنوات سابقة، وأكثر من 1200 شجرة زيتون. كما وقدمت اللجنة 60 شجرة سرو حراجي، دعماً لحمـلة التشجير التي أطلقها متطوعون بيئيون في المنطقة.

وتكتسب عملية زراعة الأشجار أهمية استراتيجية كبيرة لما تمتلكه من فوائد متنوعة، ووفقاً للدراسات العلمية تعمل الأشجار على تنقية البيئة من الملوثات الناتجة عن النشاط الإنساني أو الطبيعي، حيث تزيل غازات الأوزون والجسيمات الضارة، بالإضافة لغاز ثاني أكسيد الكربون، فوفقاً لدليل الغابات المجتمعي (Community Forest Guidebook)، تزيل 100 شجرة ما يقارب من 4535كغ من ثاني أكسيد الكربون (co2) خلال فترة حياتها، وكمية كبيرة من الملوثات الأخرى التي تعتبر سامة بالنسبة لجسم الإنسان، وبالتالي تحافظ على صحة الإنسان وتقلل من أمراض الجهاز التنفسي عنده. وفي دراسات أخرى تمتص الشجرة المتوسطة يومياً 1.7كغ من ثانـي أكسـيد الكربـون وتنتج 120 لتر أكسجين. ويلزم زراعة 7 شجرات لإزالة التأثيرات الملوثة لسيارة واحدة. بالإضافة إلى تنظيم الحرارة في الغلاف الجوي، والتقليل من الضوضاء الناتجة عن المركبات على الطرق السريعة وغيرها، لذلك ينصح بزراعة الأشجار في المنازل والأحياء السكنية.

وفي سياق رؤية مقاطعة الجزيرة في تطوير القطاع الزراعي والبيئي وتحسين المظهر الحضاري وزيادة الرقعة الخضراء، باشرت بلدية الشعب في مدينة قامشلو بالتعاون مع هيئة البيئة بحملة تشجير تضمنت زراعة 100 شجرة على طريق عامودا وطريق الحسكة في مدينة قامشلو. وفي مدينة الدرباسية أطلقت بلدية الشعب، مشروع إنشاء مشتل زراعي يُعدّ نواة لمخطط بيئي مستقبلي، وذلك لتعزيز المساحات الخضراء داخل المدينة، في إطار مشروع بيئي طويل الأمد، يهدف إلى تحسين جودة الحياة وتحقيق توازن بيئي في المنطقة. ويعمل المشتل على إنتاج شتلات متنوعة من الأشجار والزهور، لتتم زراعتها لاحقاً في الساحات العامة والمنصفات الطرقية، والمزارع وأمام المنازل.
ووفقاً لوكالة “هاوار” يضم المشتل حتى الآن أكثر من 4 آلاف شتلة، تشمل أكثر من 20 نوعاً من الأشجار، منها أشجار فواكه، وأشجار زينة، وأخرى مظلية، إلى جانب الأشجار الحراجية، فضلاً عن شتلات الورود والأزهار التي تنقسم بين موسمية ودائمة الخضرة، ويعد هذا المشروع بمثابة تجربة أولية نحو تعميم تجربة التشجير على كامل المدينة وبلداتها المحيطة، وسط دعوات من البلدية لأهالي المدينة إلى المساهمة الفعالة في هذا الجهد الجماعي، والتي أكدت على استعدادها لتوفير الشتلات وزراعتها أمام المنازل للراغبين، وفق معايير تضمن نموّها واستمراريتها.

وفي مدينة قامشلو، أعلنت المجموعة التنسيقية لحماية البيئة، في إقليم شمال وشرق سوريا، يوم الأحد، عن زراعة 650 شجرة في قامشلو، وذلك بالتنسيق مع منظمات المجتمع المدني، وبالتعاون مع فعاليات اقتصادية واجتماعية وطبية، بالإضافة إلى زراعة 100 غرسة في منصف الشارع الرئيسي في حي العنترية بمدينة قامشلو، و200 على طول منصف شارع القوتلي، و216 شجرة في منصف شارع السياحي، وأكثر من 100 شجرة بجانب صوامع الحبوب في المدينة، وتنوعت الأشجار بين لاكستروم والسرو والعفص. يأتي ذلك في سياق مبادرتها السنوية لغرس مئات الأشجار تحت شعار “معاً نحو مجتمعات خضراء” منذ عام 2015، بمشاركة أطفال وشبان وشابات متطوعات من أبناء المدينة. وتسعى المجموعة إلى توسيع مبادراتها في حماية البيئة الأعوام القادمة، بهدف المحافظة على البيئة وزيادة المساحات الخضراء، ونشر ثقافة زرع الأشجار.

وتجري حالياً جهوداً لتشجيع المزارعين على زراعة الأشجار المثمرة من خلال تقديم بعض التسهيلات، ووفقاً لبعض المهندسين الزراعيين تفتقر المنطقة إلى بساتين الأشجار المثمرة كما أن الوضع الاقتصادي غير المستقر للمزارع تجعله قليل الصبر تجاه انتظار سنوات حتى تنضج الشجرة وتبدأ بإنتاج الثمار، لذلك يتجه دائما نحو زراعة الحبوب والبقوليات والنباتات العطرية في المواسم الزراعية وهذا ما يعد أحد العوائق أمام توسيع المساحات الخضراء في الجزيرة، إلا أن الجفاف سيؤدي في نهاية المطاف إلى البحث عن أنماط جديدة من الزراعات حيث تعد زراعة الأشجار المثمرة أفضل الحلول المتوفرة…

نورث بالس

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.