الأز.مة المالية في سوريا تتفـ.ـاقم نتيجة العنـ.ـف الطـ.ـائفي الذي يشهده البلاد
شهدت الليرة السورية خلال الأسابيع الماضية تدهوراً كبيراً بعد تصاعد التوترات الطائفية في ريف العاصمة دمشق، وسط أزمة مالية حادة تعاني منها سلطة دمشق. ففي نهاية الربع الأول من عام 2025 سجلت الليرة السورية نحو 11 ألف للدولار، وهو الأمر الذي يوضح استمرار انهيار العملة السورية. يُذكر أنه في شهر تشرين الثاني 2024، فقدت الليرة السورية 99.7% من قيمتها، ليصل سعر الصرف إلى 14000 ليرة سورية للدولار الأمريكي، بعد أن كانت 50 ليرة سورية للدولار الواحد عام 2010، حيث تسببت العقوبات الغربية وسنوات الصراع الداخلي والفساد في هذا التدهور بشكل كبير. ويرى خبراء اقتصاد سوريون، إن انخفاض السيولة المالية في سوريا ساهم في تحسن “غير حقيقي” لقيمة الليرة السورية بنسبة 30%، وذلك بسبب انخفاض عرض الليرة نتيجة نقص السيولة التي أدت إلى تراجع الطلب في السوق، خاصة مع فرض البنوك قيوداً على السحب اليومي، حيث لا يتجاوز الحد الأقصى 300 ألف ليرة، وهو مبلغ غير كافٍ لدعم الطلب والإنتاج.
وترتبط الأزمة المالية في سوريا بشكل وثيق مع أزمتها الاقتصادية حيث تواجه عملية الانتعاش تحديات كثيرة في ظل التوترات السياسية والطائفية التي لا تنتهي. ووفقاً لخبراء هناك عدة أسباب للأزمة المالية في سوريا أبرزها:
1. ارتفاع معدل التضخم: لايزال الاقتصاد السوري يعاني من ظاهرة التضخم التي تؤدي إلى تآكل حاد في القدرة المالية للأسر، إذ بلغ متوسط سلة الإنفاق التي تشمل الغذاء والطاقة والاتصالات والقطن 2.7 مليون ليرة سورية “نحو 200 دولار أمريكي” شهرياً لأسرة مكونة من 5 أفراد في عام 2024، بالمقارنة بـ10 ليرات سورية فقط عام 2010، وفقاً لتقرير لموقع “القاهرة الإخبارية”.
2. الانخفاض الحاد بالاحتياطيات النقدية الأجنبية، وبحسب تقديرات الخبراء الاقتصاديين فقد انخفضت لما يقرب من 200 مليون دولار فقط.
3. العقوبات الغربية التي عزلت الاقتصاد السوري عن الاقتصاد العالمي، ولا تزال تمنع عمليات إعادة الإعمار، وتمنع سلطة دمشق من الحصول على قروض من المؤسسات المالية الدولية حالياً.
4. نقص السيولة جراء تهريب مسؤولي النظام السابق المليارات إلى الخارج ما شكل ضغطاً كبيراً على الليرة، بالإضافة إلى تعرض المصرف المركزي للسرقة بعد سقوط النظام البعثي، حيث تقدر المبالغ المسروقة بمليارات الليرات.
وتجري محاولات سعودية وقطرية لانتشال سلطة دمشق من أزمتها مالية، حيث بادرت الدولتان إلى تسديد الديون المستحقة على سوريا للبنك الدولي، البالغة نحو 15 مليون دولار. وأكد وزير المالية السعودي ورئيس اللجنة الدولية للشؤون النقدية والمالية في صندوق النقد الدولي، محمد الجدعان، خلال الاجتماع الـ51 للجنة الدولية للشؤون النقدية والمالية في واشنطن، على ضرورة الوقوف إلى جانب سوريا التي تخرج من وضع هش عبر توفير الدعم والمشورة، وأوضح أن صندوق النقد الدولي يعمل على المضي قدماً بحذر في عملية دعم الاقتصاد السوري. وتعليقاً على مشاركته اجتماعات صندوق النقد والبنك الدوليَّين في واشنطن مؤخراً، قال وزير المالية السوري، محمد يسر برنية، إن المحادثات التي أجراها الوفد السوري في واشنطن أسفرت عن نتائج مهمة، ووصف المحادثات على أنها “تمثِّل لحظةً تاريخيةً لعودة بلادنا للمجتمع المالي الدولي بعد غياب أكثر من عقد من الزمان”.
التحديات التي تواجه عملية التعافي الاقتصادي والمالي.
وفقاً لخبراء اقتصاد تحتاج عملية التعافي إلى معالجة الأسباب الكامنة وراء الأزمة، وذلك بالشكل التالي:
1. رفع العقوبات الغربية، وفي هذا السياق سلمت الإدارة الأمريكية سلطة دمشق، الشهر الماضي، 8 شروط لرفع العقوبات، منها التعاون في مكافحة الإرهاب، وإبعاد الفصائل الفلسطينية، والالتزام بالعمليات العسكرية الأمريكية في سوريا، والمطالبة بإصلاحات داخلية في الحكومة السورية، وإنهاء النفوذ الروسي الإيراني داخل البلاد، وتحقيق الشفافية بما حدث في اللاذقية.
2. تحقيق الاستقرار الأمني والاجتماعي، يتم ذلك من خلال كسب ثقة كافة المجتمعات السورية بإيقاف الانتهاكات المرتكبة بحقهم، وهو أمر كفيل بجذب الاستثمارات وتدفق الأموال….
3.طباعة كميات إضافية من الليرة، لكن بحذر لتجنب الآثار السلبية الناتجة عن زيادة عرض النقود. والاستغناء عن الهيمنة الروسية على هذا الأمر.
4. استعادة الأموال السورية المجمدة في الخارج…
5. تطوير العلاقات المالية مع الإدارة الذاتية، وإقامة شراكة مالية معها في هذا السياق..
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.