في لوحة نضالية قلّ نظيرها، سطّر أهالي إقليم شمال وشرق سوريا ملاحم من الصمود والمقاومة، تصدّوا خلالها لمحاولات الاحتلال التركي ومرتزقته النيل من إرادتهم والسيطرة على مقدّراتهم. فخلال 119 يوماً من الاحتجاجات المتواصلة عند سد تشرين، الذي تحوّل إلى رمز للمقاومة وأيقونة للشهداء، أثبت الشعب أن وحدة الصف والإصرار قوى لا تُقهر.
لم تكن تلك الاحتجاجات مجرد فعاليات اعتيادية، بل كانت إعلاناً صريحاً بأن الشعب مستعد للتضحية بكل ما يملك دفاعاً عن أرضه وثرواته. ارتفعت الهتافات وتلاحمت الصفوف، لتشكل فسيفساء وطنية فريدة من نوعها جمعت الكرد والعرب، المسلمين والمسيحيين، الأرمن والإيزيديين، في مشهد عابر للهويات والانتماءات الضيقة.
المرأة، كالعادة، كانت في قلب الحدث، بل وتقدّمت صفوف المقاومة. فبدورها الريادي ومشاركتها الواسعة، أضفت على الحراك طابعاً من القوة والإرادة الحرة، رغم ما تعرضت له من استهداف مباشر أسفر عن إصابات واستشهاد عدد من النساء. ومع ذلك، لم يزدها ذلك إلا عزيمة وإصراراً على مواصلة الطريق حتى تحقيق النصر.
ورغم القصف المتكرر على القوافل والطريق المؤدي إلى السد، ومحاولات الاحتلال استخدام السد كورقة ضغط سياسية وأمنية، فشل في كسر إرادة المحتجين الذين رفعوا شعار “نحن أكبر من الموت”، في تجسيد حيّ لروح حرب الشعب الثورية، واستذكاراً لملاحم سابقة كتلك التي شهدتها كوباني ضد إرهاب داعش.
سد تشرين لم يعد مجرد مشروع مائي، بل تحول إلى رمز للكرامة والدفاع عن الأرض، ودرع يحمي مكتسبات الثورة الشعبية التي انطلقت بروح التكاتف والنضال. وبينما سعت قوى الاحتلال إلى تفكيك هذا التماسك، جاء الرد من أبناء وبنات الإقليم أكثر قوة ووحدة، ليؤكدوا للعالم أن الشعوب التي تعرف قيمة حريتها لا تهزم.
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.