NORTH PULSE NETWORK NPN

سوريا تحت حكـ.ـم “الجـ.ـهاديّـ.ـة الجديدة” مشروع تفكـ.ـيك الدولة وتكـ.ـريس الطـ.ـائفية٠

 

بقلم برهان صادق أمين.
• دمشق 2025، من “تحرير” مزعوم إلى استبداد طائفي مُمنهج٠
لم تكن مشاهد دخول قوات “هيئة تحرير الشام” إلى العاصمة دمشق في 8 ديسمبر/كانون الأول 2024 مُجرّد تحوّل عسكري، بل كانت بداية لنموذج حكم يعيد إنتاج أسوأ أشكال الاستبداد، لكن هذه المرة تحت عباءة “الجهاد” و”تطهير الدولة من الفلول”. فبينما رُفعت شعارات “تحرير سوريا من نظام الأسد”، تحوّلت العاصمة إلى ساحة لـ”غسل الدم” الطائفي، وفقاً لخطابٍ دينيٍ متطرّفٍ يُعيد إحياء فتاوى ابن تيمية في القرن الحادي والعشرين.
• تفكيك الدولة من إدلب إلى دمشق:
لم تكتفِ “جبهة النصرة” بنقل مقرّ حكومتها من إدلب إلى دمشق، بل نقلت معها “نموذجها الإدلبي” القائم على:
1. احتكار العنف: من خلال تفكيك الجيش والأجهزة الأمنية، واستبدالها بميليشيات طائفية مُلثّمة، تعتمد على عناصر أجنبية (أوزبك وأويغور وآسيويين).
2. أسلمة المؤسسات: فصل 28% من موظفي القطاع العام بحجّة “الفائض الوظيفي”، وإقصاء كلّ من لا ينتمي لعقيدة ابن تيميه، عن التعليم والصحة والأمن.
3. الاقتصاد كأداة قمع: تعميق الأزمة المعيشية عبر تجميد الرواتب، ومصادرة ممتلكات المُنتمين للطوائف الأخرى، ما حوّل 97% من سكان الساحل السوري إلى تحت خط الفقر.
• مجازر الساحل السوري:
خلفت الحملات “الجهادية” ضد العلويين بعد إعلان الجهاد ضدهم على منابر الفتنة الطائفية على ألسنة الخطباء في الجوامع والمساجد التي تدين بالولاء لأفكار ابن تيمية، حيث خلفت ما يزيد عن 2000 ضحية، واختفاء 2100 مدني، وفقاً لتقارير حقوقية مستقلة، لكن واقع الأمر يزيد على هذه الأعداد بأضعاف لكن عدد كبير من ذوي الضحايا أجبرتهم سلطة الخوف على نكران الجريمة التي تعرضوا لها ٠
• اختطاف النساء العلويات:
تحوّلت عمليات الاختطاف إلى سلاحٍ طائفيٍّ لإذلال الخصوم، حيث جرى توثيق عشرات الحالات وصلت إلى . ( ٦٠ ) حالة في حصيلة غير نهائية في اللاذقية وطرطوس، وبانياس وأرياف حمص وحماه، تحت ذرائع انتقامية مثل “أخذ الحق الخاص” من عائلات تسمي نفسها “شهداء الثورة”.
• جرائم بحق أبناء السويداء:
من السويداء إلى جرمانا لم تكن انتهاكات “جبهة النصرة” مجرد تنظير أيديولوجي، بل تحوّلت إلى ممارسات ممنهجة تمثلت باستهداف الدروز، حيث تشير تقارير ميدانية إلى عمليات إخفاء قسري واعتقالات تعسفية طالت مئات المدنيين في السويداء وصحنايا وجرمانا، وأشرفية صحنايا، بتهمة “الولاء للنظام السابق”، بينما جرى تسريح آلاف الموظفين الدروز من قطاعي التعليم والصحة.
• استهداف المسيحيين:
من خلال الهجمات المباشرة على الأحياء والكنائس واستهداف الممتلكات، حيث تعرضت أحياء مسيحية في دمشق وحمص وحماه وإدلب لعمليات نهبٍ منظمةٍ بذريعة “مصادرة أملاك الفلول”، مع تدمير متعمد للصلبان والتعدي على حرمة الموتى من خلال الاعتداء على المقابر . كما روَّجت ميليشيات الهيئة في خطابها الديني لـ”محاربة الصليب” كجزء من “الجهاد”، ما شجَّع عناصرها على تنفيذ اعتداءات فردية وجماعية ضد المسيحيين.
• للإرهاب عقل واحد وأوجه متعددة:
إن الفصائل الجهادية التي نفذت جرائم الإبادة الجماعية في الساحل السوري واقترفت أبشع أنواع القتل في المحافظات السورية المختلفة هي ذاتها التي ارتكبت المجازر و التطهير العرقي وحرق المنازل وقطع أشجار الزيتون والتغيير الديمغرافي للبلدات والقرى، وخطف المدنين والإجرام بحق المواطنين السوريين الأكراد في منطقة عفرين وكوباني وسيركانيه وتل حاصل وتل عرن، وغيرها من المناطق بأوامر من المحتل التركي الذي لم شمل هذه الفصائل الإرهابية بوجه جديد تحت مسمى الجيش الوطني.
• شرعنة الانفصال:
أي أن الدروز والعلويين والأكراد ليسوا انفصاليين بمطالبهم الوطنية المحقة لحماية أنفسم من التوحش التكفيري الذي عانوا منه طويلاً، لكن الانفصالي الحقيقي هو من يريد تشكيل دولة لدين وعرق واحد، وهذه شريعة الجولاني وفصائلة المتطرفة، الذين يصرون على دولة أمويّة عربية، تريد إما إخضاع الجميع للحكم الديني أو إبادتهم، وترفض إشراك المواطنين المتعددين في الحكم، ولم تترك مؤسسة أو إدارة فعلية إلا وأوكلت إدارتها لملتحٍ يحمل عقيلة النصرة أوأفكار أبن تيمية، ومن مظاهر هذه الانفصالية المروعة، منها تهجير العلويين من الساحل وريفي حماة وحمص، وتهجير الطلاب الدروز من الجامعات، والاعتداء الطائفي على المواطنين في كل مكان، والذي يشمل الإذلال على الحواجز، من خلال الخطف، الاعتقال التعسفي، والقتل.
• خطاب الكراهية:
من “الجهاد” إلى “تفكيك النسيج الاجتماعي”
لم يعد خافياً على أحد أن ما يُسمّى “الدولة الإسلامية” التي تبنيها “هيئة تحرير الشام” على أسس تعاليم ابن تيمية ليست مشروعاً تحررياً، بل هو تدميرٌ للهُويّة الوطنية عبر استبدال مفهوم المواطنة بـ”الولاء الديني”، كما صرّح أنس خطاب (وزير الداخلية) “القتال في سبيل الوطن لا يُعتبر جهادًا، والولاء يجب أن يكون للإسلام لاللأرض٠
• تكريس الانقسامات الداخلية:
من خلال إثارة النعرات الطائفية، مثل ترديد شعار “الموت للعلويين – بالذبح جيناكم – الله محي جيش السنة” في الهجمات المسلحة، على مدن الساحل والسويداء وأحياء المدن التي يقطنها الأقليات ٠
• عندما يُصبح “التحرير” استعماراً داخلياً:
اليوم، يُدرك السوريون أن شعار “نحن أو الطوفان” ما هو إلا وهمٌ يُخفي مشروعاً استبدادياً يُعيد إنتاج نفس أدوات نظام الأسد المخلوع، لكن بوجهٍ دينيٍّ متطرّف. فـ”الهيئة” لا تُحارب أتباع الأسد، بل تُحارب فكرة سوريا نفسها كدولةٍ جامعةٍ لتعدّدها الثقافي والديني. والرسالة الأهم هنا ليست في فضح جرائم “هيئة تحرير الشام” فحسب، بل في كشف تناقضها الجوهري: فبينما تتهم الأكراد أو الدروز أو العلويين بالانفصال، تتحوّل هي نفسها إلى قوةٍ انفصاليةٍ تُجزّئ البلاد عبر خطابٍ دينيٍّ يستبدل الهُويّة الوطنية بانتماءات ما قبل الدولة. السؤال الذي يفرض نفسه الآن: مَن يحتاج إلى “تقسيم سوريا” أكثر.. الأقليات أم مَن يُحوّل الدين إلى أداةٍ للهيمنة؟ خصوصاً أنه لا يمكنك أن تكون انفصاليا وتريد أن تحكم البلد كله في الوقت نفسه ؟؟!!!.

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.