NORTH PULSE NETWORK NPN

بعد قرار وقف العقـ.ـوبات.. سلطة دمشق أمام امتحان بناء الثقة مع المكونات السورية

 

 

أدت السياسات الداخلية لسلطة دمشق المتمثلة بالاستفراد بالسلطة والهيمنة على مؤسسات الدولة السورية، وعدم توفير الحماية للطوائف السورية، العلوية والشيعية والمرشدية والدرزية، واستمرار انتهاكات حقوق الإنسان في الشمال السوري، وعدم تطبيق بنود اتفاقية 10 آذار مع قيادة قسد وغير ذلك، كلها أمور أفقدت ثقة السوريين بالسلطة الجديدة. ومع الفرصة التي منحها ترامب لسلطة دمشق بوساطة سعودية من أجل تنفيذ المطالب الأمريكية من خلال وقف العقوبات المفروضة على سوريا، أصبحت سلطة دمشق أمام امتحان حقيقي آخر لكسب ثقة المكونات السورية وإظهار السلام في سوريا.

 

على صعيد متصل، أكدت منظمة العفو الدولية الجمعة، على إنه يتعين على سلطة دمشق إتخاذ خطوات “فورية وملموسة” نحو تحقيق العدالة ومعرفة الحقيقة والتعويض لمعالجة إرث البلاد المدمر من الانتهاكات، مشددة على ضرورة التنفيذ الفوري لإصلاحات تستند إلى مبادئ حقوق الإنسان لمنع وقوع المزيد من الانتهاكات. وقالت المنظمة الدولية: “من الضروري أن تعمل السلطات الجديدة على إعادة بناء الثقة بين الدولة والشعب في سوريا. ولن يؤدي تأخير تحقيق العدالة سوى إلى زيادة خطر إراقة الدماء مثل أحداث القتل الجماعي الأخيرة للمدنيين العلويين في الساحل السوري”. وأضافت: “تماشياً مع القانون الدولي، يجب أن تقدم السلطات إلى ساحة العدالة جميع المشتبه في مسؤوليتهم الجنائية عن الجرائم ضد الإنسانية، وجرائم الحرب، وأعمال التعذيب والاختفاء القسري، وذلك في محاكمات عادلة أمام محاكم مدنية عادية بدون أي تأخير..”. كما وأكدت المنظمة الحقوقية على إن غياب العدالة الانتقالية قد “يُؤجج الاحتجاجات ويزيد من انعدام الثقة بالحكومة، مما يُهدد بزعزعة الاستقرار السياسي مستقبلًا. كما أنه قد يُثني الأقليات عن نزع سلاحها خوفًا على سلامتها”.

حتى أن المجتمع العلوي لا يزال خائفًا بشدة من الحكومة الانتقالية الجديدة بعد المجازر الساحلية الأخيرة.

 

وتبدو سلطة دمشق تفتقر إلى استراتيجية واضحة لكسب ثقة السوريين والمجتمع الدولي، وفي السياق أفاد تقرير لـ”معهد دراسات الحـ.ـرب والسلام” الأمريكي، الخميس الفائت، بإن رئيس سلطة دمشق أحمد الشـ.ـرع يعمل على إعطاء الأولوية لاسترضاء الموالين في ائتلافه الحاكم على طمأنة الأقليات بأن الحكومة ستحميهم، الأمر الذي يهدد بعدم الاستقرار في المستقبل. وأشار التقرير على سبيل المثال إلى ترقية المدعو مصطفى كنيفاتي (مدير جهـ.ـاز الأمـ.ـن العام في محافظة #اللاذقية) إلى قـ.ـائد القـ.ـوات الخاصة بوزارة الداخلية، حيث يعد كنيـ.ـفاتي مسؤولاً عن موجة العنف التي ضربت الساحل السوري لدوافع طائفية، حيث شارك بعض أفراد جهاز الأمن العام في محافظة اللاذقية في مجازر آذار 2025 وفقاً للتقرير. ويأتي هذا الأمر مع استمرار زعـ.ـماء “فصائل الجيش الوطني” المدعومين من تركيا في عرقلة تنفيذ الاتفاقية مع قسد. ومن المرجح أن يغرس قرار الشرع بالسعي إلى بناء الدولة وتوطيد السلطة بهذه الطريقة مشاعر انعدام الأمن بين أفراد المجتمعات الكردية والدرزية والعلوية، مما قد يثني هذه المجتمعات عن التعاون مع الحكومة، على الرغم من رغبتهم في أن يكونوا جزءًا من سوريا موحدة.

 

وأكد مايكل ميتشل (المتحدث الإقليمي باسم الخارجية الأمريكية) في معرض تعليقه على وقف العقوبات، أن الولايات المتحدة تتوقع تحسناً في العديد من الملفات المهمة، مثل حقوق الإنسان، ولا سيما ما يتعلق بالأقليات في سوريا، إضافة إلى ضمان عدم حدوث انفلات سياسي، وفي السياق، قالت مورغان أورتاغوس (نائب المبعوث الأميركي للشرق الأوسط) ، خلال لقاء تلفزيوني، إن واشنطن سلمت أحمد الشرع، قائمة بالأشياء التي تريد أن يقوم بها خاصةً حماية الأقليات في الشرق الأوسط. وأشارت أورتاغوس، إلى إن الولايات المتحدة لا تريد أن يتم حماية الأقليات فحسب “بل تريدهم أن يشاركوا في الحكومة ونريد التأكد من أنه قادر على حكم سوريا بطريقة لصالح كل الناس والأقليات”.

 

ويؤكد مراقبون أن سلطة دمشق لم تبدي حتى الآن أية بوادر لكسب ثقة المكونات السورية، وتحاول تقديم نفسها كسلطة أمر واقع وأنه يتعين على الجميع التعايش معها بغض النظر عن اتجاهها الأيديولوجي، وتحاول تسخير الانفتاح الأمريكي عليها في هذا السياق، إلا أن المكونات السورية وبشكل خاص الإدارة الذاتية في كل من شمال وشرق سوريا وجنوب سوريا، تمتلك الكثير من الوسائل للحفاظ على خصوصيتها الإدارية، السياسية والعسكرية والاقتصادية، بعيداً عن سيطرة سلطة دمشق…

 

نورث بالس

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.