NORTH PULSE NETWORK NPN

اتفاقيات إبراهام: بين وعود السلام ومخاوف التفريط بالقضية الفلسطينية

 

في خضم التحولات الإقليمية المتسارعة، أثار إعلان السياسي العربي أحمد الشرع تأييده لاتفاقيات إبراهام جدلا واسعا، حيث اعتُبر الموقف مؤشرا على تحوّل لافت في الخطاب السياسي العربي تجاه إسرائيل، وتراجع الالتزام الواضح بالقضية الفلسطينية كقضية مركزية.

 

وتعد اتفاقيات إبراهام، التي رعتها الولايات المتحدة منذ عام 2020، إطارا لتطبيع العلاقات بين إسرائيل وعدد من الدول العربية، بدأت بالإمارات والبحرين، وتبعتها السودان والمغرب، وسط صمت أو قبول ضمني من أنظمة عربية أخرى.

 

الشرع برّر موقفه بأن الاتفاقيات “تفتح آفاقا لحلول سلمية ومشاريع اقتصادية وتنموية تعود بالنفع على شعوب المنطقة”، مشددًا على أن “التقارب مع إسرائيل لا يعني التخلي عن الحقوق الفلسطينية”.

 

إلا أن اللافت في تصريحاته غياب أي إشارة إلى التزامات إسرائيلية واضحة، مثل وقف الاستيطان أو الاعتراف بالحقوق المشروعة للفلسطينيين، ما أثار انتقادات لاذعة من قبل فصائل المقاومة الفلسطينية والتيارات القومية واليسارية في العالم العربي.

 

تراجع القضية الفلسطينية وخرق للإجماع العربي

 

يأتي هذا التوجه السياسي الجديد في وقت تتعرض فيه القضية الفلسطينية لتهميش غير مسبوق، وتواجه الفصائل الفلسطينية ضغوطا إقليمية ودولية متزايدة. وترى قوى وطنية فلسطينية أن اتفاقيات التطبيع تشكل خرقا واضحًا لمبادرة السلام العربية، وتتنافى مع الموقف العربي التقليدي القائم على ربط السلام بالانسحاب الإسرائيلي الكامل من الأراضي المحتلة.

 

في السياق ذاته، فجّرت تقارير إعلامية وحقوقية موجة استياء عارمة، بعد الكشف عن قيام بعض الدول العربية، التي وقعت على اتفاقيات إبراهام، بتوقيف وتسليم عدد من القيادات الفلسطينية لإسرائيل في عمليات سرية، دون الإعلان عن تفاصيلها رسميا. ووصفت المنظمات الحقوقية تلك الإجراءات بأنها “خرق خطير للقانون الدولي”، لكونها تنتهك مبدأ عدم الإعادة القسرية المنصوص عليه في اتفاقيات جنيف والمواثيق الدولية.

 

مخاوف من تحوّل الدول العربية إلى أدوات أمنية

 

فصائل بارزة في المقاومة الفلسطينية، من بينها حماس والجهاد الإسلامي والجبهة الشعبية، دانت بشدة هذه التحركات، ووصفتها بـ”طعنة في ظهر القضية الفلسطينية”، محذرة من أن تتحول بعض الأنظمة إلى أدوات تخدم أجندات الاحتلال الإسرائيلي في المنطقة، عبر التنسيق الأمني وقمع حركات التحرر.

 

ورغم محاولات بعض النخب السياسية الترويج للتطبيع باعتباره بوابة للاستقرار والتنمية، يرى كثير من المحللين أن هذه التحركات تمثل انحرافًا خطيرا عن الثوابت القومية، وانسلاخا عن هوية القضية الفلسطينية التي ما زالت حية في وجدان الشعوب العربية.

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.