NORTH PULSE NETWORK NPN

اعتـ.ـقال عصـ.ـام البويـ.ـضاني: نهاية “جيـ.ـش الإسـ.ـلام” وتعـ.ـزيز القبـ.ـضة التركية على دمشق

 

دمشق في خطوة بالغة الدلالة على التحولات المتسارعة في موازين القوى داخل الساحة السورية، أقدمت “سلطة دمشق” بقيادة أحمد الشرع، رئيس “هيئة تحرير الشام”، على اعتقال عصام البويضاني، القائد السابق لفصيل “جيش الإسلام”، وذلك بدعم مباشر من الاستخبارات التركية، وفقاً لمصادر أمنية مطلعة من العاصمة.

ويُنظر إلى هذا التحرك على أنه جزء من استراتيجية تركية تستهدف إنهاء أي حضور لفصائل ذات خلفية عربية في محيط دمشق، تمهيداً لترسيخ الهيمنة التركية الكاملة على المشهدين العسكري والسياسي في الجنوب السوري.

تعود جذور الأزمة إلى 25 أيار/مايو، عندما طلب مترجم تركي يُعرف بـ”أبو حسن” معلومات من ناشط محلي حول تحركات احتجاجية متوقعة في دمشق. تبع ذلك تهديد علني من عناصر “جيش الإسلام” بتنظيم اعتصام مفتوح في حال لم يتم الإفراج عن البويضاني خلال 72 ساعة، مع ترجيح تنظيمه أمام السفارة الإماراتية أو في ساحة الأمويين.

هذا التهديد اعتُبر بمثابة تحدٍ مباشر لسلطة أحمد الشرع، الذي يرى في البويضاني شخصية ذات نفوذ شعبي وتنظيمي يصعب ترويضها، خصوصاً بالنظر إلى علاقاته الوثيقة بمحاور إقليمية مؤثرة، لاسيما السعودية والإمارات.

من رجل أعمال إلى قائد ميداني

عُرف عصام البويضاني – الملقب بـ”أبو همام” – برصيده التنظيمي والشعبي في ريف دمشق. بدأ حياته المهنية كرجل أعمال يتقن اللغتين الإنجليزية والكورية، قبل أن يتولى قيادة “جيش الإسلام” أواخر عام 2015 عقب مقتل مؤسسه زهران علوش.

خلال فترة قيادته، تبنّى البويضاني نهجاً براغماتياً، إذ انخرط في مفاوضات أستانا وسوتشي، وكان من أبرز الشخصيات في لجنة التفاوض السورية، ما أتاح له مساحة من الاستقلال النسبي عن التوجهات الخليجية، الأمر الذي لم يلقَ قبولاً لدى “تحرير الشام” ولا أنقرة.

تفكيك “جيش الإسلام” وإعادة تشكيل الخارطة

مع صعود أحمد الشرع إلى رئاسة “سلطة دمشق” نهاية عام 2024، وبتنسيق وثيق مع تركيا، صدر قرار يقضي بحل “جيش الإسلام” بشكل كامل، وإنهاء كافة أنشطته العسكرية والتنظيمية. هذه الخطوة جاءت في سياق إعادة هيكلة شاملة تسعى إلى فرض نموذج تركي خالص في إدارة الملف السوري، لاسيما في العاصمة ومحيطها.

ويُنظر إلى هذا القرار على أنه إعلان رسمي عن نهاية مشروع “جيش الإسلام”، الذي تأسس في 2012 بدعم سعودي-إماراتي، ولعب دوراً بارزاً في معارك الغوطة الشرقية، قبل أن يدخل في مواجهات عنيفة مع “جبهة النصرة”، الذراع السابقة لـ”تحرير الشام”.

يرى مراقبون أن اعتقال البويضاني يعبّر عن مرحلة جديدة في التعامل مع الفصائل المسلحة، تتسم بإقصاء التيارات ذات المرجعيات العربية لصالح بنية أمنية وسياسية تخضع بالكامل للرؤية التركية. وفي هذا السياق، تُفسَّر الخطوة على أنها رسالة واضحة مفادها: لا مكان لأي فصيل لا يندرج ضمن الحسابات التركية في سوريا ما بعد 2025.

يشكل اعتقال عصام البويضاني لحظة مفصلية في مسار الصراع على النفوذ في دمشق، ويفتح الباب أمام ترتيبات إقليمية جديدة، قد تُعيد رسم المشهد السوري برمّته، وفق أولويات أنقرة وواجهاتها المحلية.

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.