في استمرار لسياسات التهجير القسري والتغيير الديمغرافي التي تنتهجها أنقرة في الشمال السوري، حولت قوات الاحتلال التركي، بالتعاون مع الفصائل المسلحة التابعة لها، قرية “كوندي جيه” في ناحية راجو بريف عفرين المحتلة إلى قاعدة عسكرية مغلقة، مانعة السكان الأصليين من العودة إلى منازلهم وأراضيهم الزراعية.
وبحسب مصادر محلية، فإن قوات الاحتلال التركي نصبت نقاطاً عسكرية ونشرت تعزيزات داخل القرية، فيما فرضت الفصائل الموالية طوقاً أمنياً محكماً في محيطها، ومنعت الأهالي من الاقتراب من المنطقة حتى لأغراض إنسانية أو زراعية، بذريعة وجود منشآت ومواقع عسكرية داخل القرية.
وأكدت المصادر، أن كل محاولة من قبل السكان للاقتراب من ممتلكاتهم تقابل بردع فوري وتهديد مباشر من قبل عناصر الفصائل، مما أدى إلى حرمانهم التام من الوصول إلى منازلهم أو استثمار أراضيهم، ما يُعد انتهاكاً صارخاً لحقوق الملكية والسكن، ومخالفة للقانون الدولي الإنساني.
ويأتي هذا التصعيد ضمن سلسلة من الممارسات التي تواصل قوات الاحتلال التركي تطبيقها منذ سيطرتها على منطقة عفرين في مارس 2018، وتشمل هذه السياسات طرد السكان الأصليين من قراهم، وتوطين عائلات مقاتلي الفصائل المسلحة بدلاً منهم، وتفكيك التركيبة السكانية للمنطقة بشكل ممنهج يخدم مصالحها السياسية والعسكرية.
ويحذر نشطاء ومراقبون من أن تحويل قرية “كوندي جيه” إلى قاعدة عسكرية هو جزء من مخطط أوسع لتكريس واقع ديمغرافي جديد، عبر منع العودة الطوعية للسكان الأصليين، وإحلال قوى سكانية بديلة مرتبطة بالوجود العسكري التركي، ما يعمق الأزمة الإنسانية والحقوقية في المنطقة.
قرية “كوندي جيه”، التي لطالما اعتمد سكانها على الزراعة وتربية المواشي، تمثل اليوم نموذجاً حياً لقرى ريف عفرين التي فُرضت عليها سياسات التهجير والاستحواذ القسري، في ظل غياب أي رقابة دولية أو مسار قضائي قادر على إعادة الحقوق لأصحابها
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.