انخـ.ـفاض منسوب الفرات يهـ.ـدد بكارثة إنسانية وبيئية في شمال وشرق سوريا
عاد ملف نهر الفرات إلى الواجهة مجدداً، مع تصاعد التحذيرات من “كارثة إنسانية وبيئية وشيكة” تهدد حياة ملايين السكان، نتيجة استمرار خفض تدفّق مياه النهر من قبل الجانب التركي، بحسب مؤسسات تابعة للإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا.
نهر الفرات، الذي ينبع من جنوب شرقي تركيا ويمتد بطول 2,781 كيلومتراً، يُعدّ شريان الحياة المائية لسوريا، إذ يؤمّن ما بين 80 إلى 85% من مواردها المائية، ويغذي الزراعة ومياه الشرب وإنتاج الطاقة في البلاد. إلا أن التدفّق الحالي عند الحدود السورية-التركية لا يتجاوز 200 متر مكعب في الثانية، أي بانخفاض يقدّر بـ60% عن المعدل المتّفق عليه في بروتوكول عام 1987 الموقع بين دمشق وأنقرة، والذي نصّ على ضخ 500 متر مكعب في الثانية.
وتُحذر الإدارة الذاتية ومراقبون من أن تركيا تستخدم مياه الفرات كورقة ضغط سياسية لخدمة مصالحها في كل من سوريا والعراق، في ظل استمرار التراجع الكبير في مستويات المياه. وتشير التقارير إلى أن المخزون المائي في السدود السورية انخفض بأكثر من 4 مليارات متر مكعب، ما يهدد بخروج سد الفرات عن الخدمة خلال أسابيع، وينذر بانهيار الزراعة وتوقف محطات توليد الكهرباء، فضلاً عن تهديد إمدادات مياه الشرب.
في هذا السياق، أعلنت هيئة الطاقة في إقليمي الفرات والجزيرة عن تخفيض كبير في ساعات التغذية الكهربائية بسبب الانخفاض الحاد في منسوب المياه. كما اضطرّت الهيئة إلى تقليص توليد الكهرباء بنسبة 40% منذ بداية شهر نيسان، واتخاذ تدابير تقنين شديدة لحماية مخزون البحيرة خلف سد الفرات، وضمان استمرار توفير مياه الشرب لنحو 6 ملايين نسمة على ضفتي النهر.
الضرر لم يتوقف عند الطاقة، بل امتد إلى القطاع الزراعي، إذ تأثرت المحاصيل الاستراتيجية، وفي مقدمتها القمح، جراء نقص المياه. كما ارتفعت نسبة الملوحة والتلوث في مجرى النهر، ما أدى إلى تسجيل إصابات بالتسمم وعودة انتشار مرض الكوليرا، نتيجة تدهور جودة المياه.
وتحذر تقارير محلية من أن استمرار حجز المياه منذ أكثر من عامين ونصف قد يفضي إلى كارثة بيئية وإنسانية غير مسبوقة، ما لم يتم اتخاذ خطوات عاجلة لضمان تقاسم عادل ومنصف لمياه نهر الفرات بين الدول المتشاطئة.
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.