قرارات الإقصاء الوظيفي تعمّق الأزمة المعيشية: أكثر من 100 ألف موظف ضحية سياسات الحكومة الانتقالية في 2025
في ظل أزمة اقتصادية خانقة تعصف بسوريا، أقدمت سلطات الحكومة الانتقالية خلال عام 2025 على تنفيذ سلسلة قرارات وصفت بـ”التعسفية”، تمثّلت بفصل عشرات آلاف الموظفين من مؤسسات الدولة وإجبار آخرين على إجازات مأجورة قسرية، في خطوة زادت من هشاشة الواقع المعيشي وأشعلت موجة احتجاجات واسعة في عدة مناطق سورية.
بحسب ما أفاد به المرصد السوري لحقوق الإنسان، فقد تجاوز عدد الموظفين الذين تم فصلهم من أعمالهم خلال العام الجاري 100 ألف موظف، طالتهم القرارات في مختلف القطاعات والمؤسسات العامة، دون وجود آليات شفافة أو معايير واضحة تحمي حقوق العاملين
وشملت هذه الإجراءات
-1,580 عاملاً في مؤسسة الخطوط الحديدية
ـنحو 12 ألف موظف في قطاعات الصحة والتربية ومرفأ اللاذقية
ـقرابة 3 آلاف معلم في مناطق الساحل السوري
ـإيقاف 500 عامل في شركات المنتجات الحديدية عن العمل لأجل غير مسمّى
إضافة إلى مئات الحالات الأخرى التي لم يُعلن عنها رسميا
هذا وأثارت هذه القرارات موجة واسعة من الاحتجاجات والاعتصامات، حيث عبّر الموظفون المفصولون عن رفضهم لما اعتبروه سياسة إقصاء ممنهجة، تهدف إلى تفريغ المؤسسات من كوادرها وتحميل الطبقة العاملة فاتورة الانهيار الاقتصادي.
ويؤكد المحتجون أن قرارات الفصل والإجازات القسرية طُبّقت دون تحقيقات إدارية مستقلة
وحق الاعتراض أو الطعن او حتى مراعاة الظروف الاجتماعية والمعيشية
الحكومة الانتقالية بررت هذه الإجراءات بذريعة وجود ما وصفته بـ”الموظفين الوهميين”، إلا أن غياب الشفافية وعدم نشر قوائم أو تقارير تدقيقية مستقلة أثارا شكوكاً واسعة حول دوافع هذه القرارات، خصوصاً في ظل توسّع نطاق الفصل ليطال قطاعات خدمية وحساسة.
ولا يزال آلاف الموظفين المفصولين أو الموضوعين في إجازات إجبارية ينتظرون تقرير مصيرهم، وسط غياب أي برنامج حكومي واضح لإعادة التوظيف أو تأمين بدائل معيشية.
تأتي هذه الإجراءات في وقت يواجه فيه السوريون أسوأ أزمة اقتصادية ومعيشية منذ سنوات، مع
تراجع حاد في القدرة الشرائية وارتفاع غير مسبوق في أسعار الغذاء والطاقة بالإضافة إلى انهيار الخدمات الأساسية
ما دفع آلاف العائلات إلى حافة الفقر المدقع والاعتماد المتزايد على المساعدات الإنسانية.
تؤكد هذه التطورات، مرة أخرى، فشل النماذج المركزية والإقصائية في إدارة شؤون المجتمع، مقابل أهمية النموذج الديمقراطي التشاركي الذي تتبناه الإدارة الذاتية الديمقراطية، والقائم على حماية حقوق العمال والموظفين بالإضافة للشفافية والمساءلة حيث ترى الإدارة الذاتية أن أي عملية إصلاح حقيقية يجب أن تبدأ من حماية الإنسان وكرامته المعيشية، لا من تحميله أعباء الانهيار والسياسات الخاطئة.
وبحسب مراقبين الشأن العام في سوريا أنه في ظل استمرار قرارات الفصل والإقصاء الوظيفي، تتسع رقعة الغضب الشعبي، فيما يبقى آلاف السوريين عالقين بين البطالة القسرية وانعدام الأمان المعيشي، ما ينذر بتداعيات اجتماعية وإنسانية أعمق ما لم تُتخذ خطوات عاجلة ومسؤولة تعيد الاعتبار لحقوق العمال وتضع حداً للسياسات العقابية.
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.