NORTH PULSE NETWORK NPN

فك عزلة الحكومة السورية عربياً وأمريكا تغض الطرف

نشرت وكالة “رويترز” تقريراً أشارت فيه إلى تحسن علاقات الأردن والإمارات ومصر مع سوريا واحتمال أن تكون الرياض تفكر في الدخول على خط الانفتاح على دمشق أيضاً، بعد انكفاء واشنطن وتركيز اهتمامها على الصين وانشغالها بها.

وجاء في تقرير تحليلي نشرته الوكالة اليوم الأحد أنه “رغم أن الغرب لا يزال يتحاشى التعامل مع الرئيس السوري بشار الأسد ويحمله مسؤولية سنوات الحرب الأهلية القاسية العشر في بلاده، بدأت منطقة الشرق الأوسط تشهد تحولاً تعيد من خلاله دول عربية حليفة لواشنطن العلاقات مع الرئيس السوري بإحياء الروابط الاقتصادية والدبلوماسية”.

وتواصل الوكالة سردها التحليلي “أدى الانسحاب الأمريكي من أفغانستان بما صاحبه من فوضى إلى تعزيز اعتقاد بين القادة العرب أنهم بحاجة لرسم مسارهم بأنفسهم. ومع توقع نهج تميل فيه واشنطن إلى الوقوف على الحياد لانشغالها الآن بالتحدي الذي تمثله الصين، أصبحت أولويات القادة العرب تحفز خطواتهم وعلى رأسها كيفية إصلاح اقتصادهم الذي كبلته سنوات الصراع وجائحة كوفيد-19”.

وتابعت “تلوح في الأفق أيضاً اعتبارات سياسية في عواصم عربية مثل القاهرة وعمّان وأبو ظبي. ومن هذه الاعتبارات علاقاتها مع روسيا أقوى الدول الداعمة للأسد والتي تعمل على إعادة دمج سوريا وكذلك كيفية التصدي للنفوذ الذي تحقق لكل من إيران وتركيا في سوريا”.

وأشارت الوكالة “فتركيا ودعمها لفصيل من الإسلاميين السنة في أنحاء المنطقة، بما في ذلك شريط في شمال سوريا لا يزال خارج سيطرة الأسد، تمثل مصدر قلق خاص للحكام العرب الذين يجمعهم مع دمشق موقف واحد من الجماعات الإسلامية”.

العقوبات الأمريكية ضد سوريا باقية لكن الأجواء في واشنطن تتغير

ونوّهت الوكالة “غير أنه في الوقت الذي بدأت تتنامى فيه العلامات على تقارب عربي مع دمشق – إذ أجرى الملك عبد الله عاهل الأردن اتصالا بالأسد هذا الشهر للمرة الأولى منذ عشر سنوات – ستظل السياسة الأمريكية عاملاً مربكاً”.

وقالت الوكالة “فواشنطن تقول إنه لا تغيير في سياستها تجاه سوريا والتي تقتضي تنفيذ انتقال سياسي نصَّ عليه قرار أصدره مجلس الأمن الدولي. ولا تزال العقوبات الأمريكية التي تستهدف دمشق، والتي تم تشديدها في عهد الرئيس السابق دونالد ترامب، تمثل عقبة كبيرة أمام حركة التجارة”.

وأسهب التقرير في القول “غير أن محللين يقولون إن سوريا لا تمثل أولوية في السياسة الخارجية لإدارة الرئيس جو بايدن. ويشيرون في هذا الصدد إلى تركيزه على التصدي للصين كما أن إدارته لم تطبق حتى الآن عقوبات بمقتضى ما يسمى قانون قيصر الذي بدأ سريانه العام الماضي بهدف زيادة الضغوط على الأسد”.

وجاء ذلك بعد أن كانت إدارة ترامب تحذر الدول العربية من التعامل مع دمشق بدأت هذه الدول تلح في التقارب معها من جديد.

وقال ديفيد ليش الخبير في الشأن السوري بجامعة ترينيتي بولاية تكساس الأمريكية “حلفاء الولايات المتحدة في العالم العربي يشجعون واشنطن على رفع الحصار عن دمشق والسماح بعودة اندماجها في المحيط العربي. ويبدو أن إدارة بايدن تستمع لذلك إلى حد ما”.

ويمثل ذلك تحولاً عن السنوات الأولى للصراع التي عُلقت فيها عضوية سوريا في الجامعة العربية وساندت دول من بينها السعودية والأردن والإمارات بعض الفصائل التي كانت تحارب الأسد.

وحسب التقرير، فإنه “رغم أن الصراع (في سوريا) لا يزال غير محسوم، استعاد الأسد السيطرة على معظم الأراضي السورية بفضل روسيا وإيران اللتين كانتا أكثر التزاماً ببقائه من التزام واشنطن بعزله، حتى عندما تم إطلاق أسلحة كيماوية على مناطق المعارضة”.

السبق الأردني

وقاد الأردن مسيرة التحول في السياسة العربية في وقت يعاني فيه من ضعف اقتصادي واهتزاز في العلاقات مع السعودية.

وأعيد بالكامل فتح الحدود بين سوريا والأردن أمام حركة التجارة في الشهر الماضي. وكانت عمّان هي القوة الدافعة وراء اتفاق لضخ الغاز الطبيعي المصري إلى لبنان عبر سوريا بموافقة أمريكية فيما يبدو.

وقال جيمس جيفري المبعوث الأمريكي الخاص السابق لسوريا في عهد ترامب لرويترز “أنا واثق تمام الثقة أن الأردنيين يشعرون بأن الولايات المتحدة لن تعاقبهم”.

وأضاف “يتردد كلام كثير بين وسائل الإعلام وأصدقاء في المنطقة أن الولايات المتحدة لم تعد تفرض عقوبات بهمة ونشاط على الأسد بموجب قانون قيصر أو غيره”.

وانعكس هذا الجو في الجمعية العامة للأمم المتحدة الشهر الماضي حيث التقى وزيرا الخارجية المصري والسوري للمرة الأولى منذ عشر سنوات، وفي معرض “إكسبو 2020 دبي” حيث بحث وزيرا الاقتصاد السوري والإماراتي تنشيط مجلس الأعمال بين البلدين.

السعودية تتردد لكنها ربما تكون التالية

قال غسان عباس سفير سوريا لدى الإمارات لـ”رويترز” في الجناح السوري بمعرض إكسبو 2020 والذي أقيم تحت شعار (معا المستقبل لنا) إن الإمارات دعت سوريا للمشاركة في المعرض رغم محاولات “لشيطنة” الحكومة السورية.

وأضاف “نعتقد أن أهم نافذة يعطيها إكسبو هي نافذة أمل لكل السوريين بأن هناك شيئاً ما قد تغير.. نحن من خلال إكسبو ندعو كل دول العالم لكي تساعدنا بإعادة إعمار البلد وأن تكون هناك صيغ لنتفاهم بها على أساس الحوار، المحبة، واحترام سيادة الدول.. لا أن نفرض عليهم صيغا قد لا تكون مقبولة لشعب أو آخر”.

وقال آرون ستاين مدير البحوث بمعهد أبحاث السياسة الخارجية إن إدارة بايدن “ليست مهتمة باستهلاك رصيد دبلوماسي في منع حكومات بالمنطقة من القيام بما تعتقد أنه الأفضل فيما يتعلق بالنظام”.

وأضاف أن السياسة الأمريكية في سوريا تركز الآن على محاربة مقاتلي تنظيم “داعش” وعلى المساعدات الإنسانية.

وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية “ما لم نفعله ولن نفعله هو إبداء أي دعم لجهود التطبيع أو رد الاعتبار على النظام السوري أو رفع عقوبة واحدة عنه أو تغيير موقفنا في معارضة إعادة إعمار سوريا إلى أن يحدث تقدم لا رجعة فيه صوب حل سياسي”.

وفي حين يسعى كثيرون من حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة لعلاقات جديدة مع دمشق لا تزال السعودية تبدي تردداً.

قال جوشوا لانديس المتخصص في الشأن السوري بجامعة أوكلاهوما “الجهد الكبير هو جمع السعودية وسوريا في شكل ما من أشكال المصالحة. وأعتقد أن السعودية ستغير رأيها وأنهم ينتظرون الولايات المتحدة فحسب”.

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.