NORTH PULSE NETWORK NPN

هل سيغرد المجلس الكردي خارج دائرة الائتلاف في نهاية المطاف؟

مصطفى خليل – نورث بالس

تتركز الأنظار على وجود المجلس الوطني الكردي ضمن الائتلاف التابع لتركيا في ظل استمرار الحوار الكردي الكردي في شمال وشرق سوريا، وخاصة التصريحات التي تعتبر بمثابة مواقف واضحة للائتلاف حول تفاوض المجلس الوطني الكردي مع الأحزاب الوحدة الوطنية، أفادت هذه التصريحات بوجود التناقضات بين الوطني الكردي والائتلاف في الواقع العملي مع وجود خلافات سابقة ولم تكن معلنة، وفي الحقيقة تعتبر ظهور الخلافات والتناقضات بينهما أمراً منطقياً وطبيعياً جداً. وذلك بسبب الرؤية التي يتبنها هذا الائتلاف حيال الإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا وأحزاب الوحدة الوطنية، فالوصول إلى توافقات وتفاهمات بين الوحدة الوطنية والوطني الكردي تعتبر نقطة هامة مسجلة لصالح الكرد والمكونات في شمال وشرق سوريا وإضعافاً لوزن الائتلاف ضمن المعادلة السورية وفيما يتعلق بتسوية الأزمة.

التناقضات الجديدة القديمة والتفاعلات الهشة ضمنياً

فالتناقضات الموجودة تجلت بشكل واضح بعد أن توصل الطرفان الكرديان إلى مرحلة مهمة وقطعا أشواط ملحوظة لتحقيق التوافق والوحدة الكردية، ورؤية موحدة حول الحل والصراع في البلاد، وهذا ما ستجعل التناقضات بينهما ليست محدودة بتكتيكات سياسية مرحلية، بل ستكون تناقضات بنيوية وجوهرية، تتعلق بالرؤية الأيديولوجية والاستراتيجية للطرفين حول الأزمة السورية وخارجة كلياً عن فضاء السياسي للائتلاف، في ظل وجود تحفظ من الائتلاف سابقاً حول ورقة تقدم بها المجلس حول رؤيته لشكل النظام السياسي في المستقبل.

ومنذ انضمام مجلس الوطني الكردي إلى الائتلاف التابع لتركيا في تشرين الأول من عام 2013، وإعلان عن وثيقة التفاهم الموقعة بين الطرفين، مرت العلاقة خلال هذه السنوات بينهما بمراحل من الشد والجذب وعدم الانسجام والتلاؤم، وتتعلق الوضع بالبوصلة السياسية لمستقبل سوريا وشكل النظام السياسي والحكم، حيث شكلت هذه النقطة تناقضاً صامتاً طيلة هذه السنوات، بعد رفض الائتلاف بشكل مطلق على مطلب اللامركزية السياسية لنظام جديد في سوريا المستقبل الذي طرحه المجلس على أروقة الائتلاف، ويتجلى ذلك هذا التناقض الأساسي في عدم التوافق على رؤية سياسية موحدة، ولتتبلور فيما بعد  وفي مراحل مختلفة من مواقف معينة حيال الوضع الكردي مساعي للائتلاف تهدف إلى التسيُد على القضية الكردية من خلال الضغوطات على المجلس الوطني الكردي في كثير من الأوقات خلال هذه السنوات، مستغلة عدم وجود جسم سياسي كردي موحد تحاور الأطراف الدولية، ومن خلال التحفظ على مطلب المجلس الوطني الكردي كان الائتلاف يغري المجلس بوجوده ضمنه كجسم سياسي  يحظى بالاعتراف الدولي، وأن وجوده ضمن الائتلاف يعتبر ممثلاً وحيداً للشعب الكردي على صعيد الدولي، لتقبل الوطني الكردي هذا الوضع نتيجة فقدانه التأثير على الشارع والترويج في الساحة الكردية خلال هذه السنوات على أنه الممثل الشرعي والمعترف به.

ثاني تناقض بارز بصدد العلاقة بينهما، هو عدم قدرة الائتلاف على تنفيذ بنود الاتفاق المبرم مع المجلس الوطني، بتاريخ 10 كانون الثاني من هذا العام، تعهد الائتلاف من خلال هذه الاتفاقية للمجلس الوطني بضمان عودة المهجرين الكرد إلى مناطقهم وقراهم في سري كانيه/رأس العين وعفرين وكري سبي/تل أبيض، وإعادة الأملاك التي استولت عليها الفصائل المسلحة والمتطرفة الموالية لتركيا، ومتابعة المجلس الكردي للأمور الإدارية داخل المناطق المحتلة وغيرها من البنود التي ورد في الاتفاق حينها.

ومع موافقة المجلس الكردي على مبادرة قائد قوات سوريا الديمقراطية والجلوس على طاولة المفاوضات مع أحزاب الوحدة الوطنية، تعمق الخلافات والتناقضات السابقة، حيث رد الائتلاف على هذه الموافقة بسلسلة من الضغوطات، أولاً تهديد المجلس وتعليق عضويته داخل الائتلاف، واصفاً الموقف “بأنه لا يجوز لأي طرف داخل الائتلاف بالتفاوض مع الإرهابيين”، ثانياً قيام بطرد ممثل المجلس الكردي في هيئة العليا للتفاوض حواس عكيد ورفض تركيا منح عكيد تأشيرة الدخول إلى أراضيها، في خطوة اعتبره المجلس “مستفردة” من قبل رئيس الائتلاف، ثالثاً موافقة الائتلاف على ضم رابطة المستقلين الكرد المرتبطة بتركيا ارتباطا إيديولوجياً وعضوياً.

لذلك فإن سياق العلاقة بين الائتلاف والمجلس والوطني يمر بمراحل تعتبر الأصعب منذ وجود المجلس ضمنه، على خلفية النقاط المتناقضة المذكورة، وفي جانب المجلس الوطني الكردي نفسه مرت في بنيته الإدارية سابقاً بمراحل من عدم الاستقرار نتيجة الخلافات حول القرارات المتعلقة بمختلف الأليات السياسية والإدارية لوجود تيارات وأحزاب كثيرة تتفاهم وتتوافق بصعوبة كبيرة في عملية صنع واتخاذ القرار، مما جعل المجلس يعاني دائماً من فقدان هيكلية إدارية موحدة ومنضبطة.

وفي هذه الحالة السائدة بين الطرفين، هل سيخرج المجلس الوطني في نهاية هذا المطاف من دائرة الائتلاف، على رغم من تأكيد بعض من قيادات المجلس الكردي على البقاء ضمن الائتلاف، وصمت السائد من قبل المجلس بشكل عام حول هذه الفكرة، تفيد بوجود خلافات داخل المجلس الوطني الكردي حول البقاء أو الخروج، ولكن في نهاية الأمر الاتجاهات واضحة تماماً، سيضطر المجلس الوطني الكردي إلى تحديد مسار علاقاته مع الائتلاف الذي يرفض أي وجود وكيان سياسي كردي في سوريا.

 

 

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.