مـ.ـلاحقة الجـ.ـماعات غير المنضبطة ذريـ.ـعة سلطة دمشق لإخـ.ـضاع المناطق المعارضة لها
أفاد مختصون في شؤون الجماعات المتطرفة زاروا المنطقة مؤخراً، بأن سلطة دمشق تنتهج مقاربة ذرائعية أو ذات اتجاه ديماغوجي- شعبوي لفرض سيطرتها الأمنية على المناطق التي لا تزال خارج سيطرتها، وسط توقعات بأن تتحول إلى سياسة داخلية شاملة لتقويض المؤسسات والمجالس السياسية والعسكرية والاقتصادية التي تشكلت في سياق الأزمة السورية لإدارة شؤون المجتمعات السورية الرافضة لسلطة النظام البعثي، من خلال مجموعات تتكفل بتحمل مسؤولية الانتهاكات والجرائم المرتكبة وتُظهر سلطة دمشق بمظهر “المنقذ الوطني” وفقاً للمختصين. وتبدو أنها قامت بتنفيذ هذه السياسة في الساحل السوري ودرعا ولا تزال مستمرة في حمص وتطبق منذ أيام في البلدات الدرزية، وسط توقعات باتباعها ضد مناطق شمال وشرق سوريا في حال سنحت الفرصة بذلك. ولدى مطابقة هذه الآراء بمجريات الأحداث والعمليات القتالية في الساحل وجنوب سوريا يمكن الجزم بأن هذه السياسة أقرب ما تكون إلى الحقيقة.
لاتزال المجموعات التي تصفها سلطة دمشق بالقوات الرديفة والمجموعات غير المنضبطة ترتكب انتهاكات شبه يومية بحق العلويين في الساحل السوري وفي حمص وريفها دون رادع، وتتنوع هذه الانتهاكات بين عمليات القتل والتعذيب والاختطاف والمعاملة المُهينة. كما واستخدمت نفس السياسة في إخضاع اللواء الثامن بدرعا، ومحاولة إخضاع بلدتي جرمانا وأشرفية صحنايا الدرزيتين وكمقدمة للسيطرة على محافظة السويداء. ويتمثل المشهد ببساطة بدفع مجموعة متطرفة نحو الاشتباك مع مسلحي أو أهالي المنطقة المُراد السيطرة عليها، بعد ذلك تتدخل قوات السلطة الرسمية للسيطرة على الموقف ويبرز مسؤوليها بتقديم الاعتذارات والوعود بمحاسبة الجُناة وفرض الأمن.
ويرى مراقبون أن ملامح هذه السياسة باتت تتكشف بشكل أكثر وضوحاً، مستشهدين بالبيان الذي أصدره سماحة الشيخ حكمت الهجري (الرئيس الروحي لطائفة الموحدين المسلمين الدروز) قال فيه “فقدنا الثقة بما يُسمى حكومة، لأنها لا تمثل الشعب، بل تقتله عبر ميليشيات تكفيرية تنتمي إليها، وترتكب المجازر بحق أبناء الوطن”، وأكد أن “ما يجري في الجنوب هو نسخة جديدة من تجربة الساحل” مطالباً بدعم دولي مباشر وسريع لإنقاذ ما تبقى من الشعب السوري. وفي السياق، دعا رامي عبدالرحمن (مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان) أصحاب القرار في سلطة دمشق إلى عدم الاكتفاء “بتصريحات جميلة عبر وسائل الإعلام تتناقض مع ما يُنفذ على الأرض من انتهاكات في أشرفية صحنايا”، وأكد على استمرار عمليات الاقتحام والتنكيل التي تنفذها مجموعات من القوات الرديفة تحمل قوائم بأسماء محددة، وحين لا تجد المطلوبين، تُقدم على الاعتداء على من تبقى من سكان المنازل. وقدم المرصد السوري حصيلة موثقة حتى الآن بلغت 97 قتـ ـيلاً على الأقل، من بينهم 44 من الطائفة الدرزية و23 منهم في الكمين الذي نصبته جماعات متشددة في قرى درعا الشمالية وموالية لسلطة دمشق، بالإضافة إلى 30 من عناصر القوات الأمنية وما يسمى المجموعات الرديفة التي هاجمت جرمانا وأشرفية صحنايا قرى ريف السويداء الشمالي والغربي تحت شعار “الانتقام للنبي محمد صلى الله عليه وسلم من الدروز” مع ترديد “عبارات طائفية خطيرة تهدد السلم الأهلي” والتمثيل ببعض الجـ.ـثث. لتسيطر قوات وزارتي الدفاع والداخلية لدى سلطة دمشق، على جرمانا وأشرفية صحنايا وقرية الصورة والرساس بريف السويداء الشمالي بموجب اتفاقات غير متكافئة مع وجهائها.
وأكد “معهد دراسات الحرب والسلام” الأمريكي في تقرير له نشره يوم الخميس، على أن “قدرة الحكومة الانتقالية على الاستجابة وحماية هذه المجتمعات غير كاملة”، وأشارت إلى أن من بين الجماعات التي هاجمت المدنيين الدروز في صحنايا في بداية الاشتباكات كان هناك جماعة سلفية جـ.ـهادية مقربة أيديولوجياً من تنظيم دا.عـ.ـش وتُظهر معارضتها لسلطة دمشق، وأوضح التقرير أستمرار العنف الطائفي في ريف دمشق ضد باقي المكونات، بما فيها الدروز والكُرد السوريون.
ويحذر مراقبون سلطة دمشق من مغبة استخدام الجماعات المتطرفة بأي تسمية كانت كأداة للضغط السياسي وفرض السيطرة الأمنية بدلاً من حل ملفهم وإجراء مصالحة وطنية حقيقية، كونها قد تؤدي إلى نتائج عسكرية تعيد تدوير عجلة الصراع المدمر في سوريا، وتقوض سلطة دمشق على المدى الطويل…
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.