في قلب حلب.. مسلـ.ـحون بشعارات “د1عـ.ـش” يثيـ.ـرون الذعـ.ـر ويعمّقون الشـ.ـكوك حول دور سلـ.ـطات دمشق
أثارت صورة تم تداولها على نطاق واسع على منصات التواصل الاجتماعي، تظهر عنصرين مسلحين يحملان شعارات تنظيم “داعش” وسط مدينة حلب، صدمة كبيرة في أوساط السكان المحليين، وجدلاً واسعاً حول الرسائل الأمنية والسياسية التي يحملها هذا الظهور اللافت في منطقة تخضع بشكل كامل لسيطرة حكومة دمشق.
ووفقاً لشهادات متقاطعة من أهالي المدينة، فإن المسلحَين كانا يتجولان علناً في الشوارع، وهما يرتديان أزياء تحمل رموز التنظيم، دون أن تتدخل أي جهة أمنية أو رسمية لإيقافهما أو حتى مساءلتهما، رغم الانتشار الكثيف للأجهزة الأمنية في المدينة. هذا المشهد أثار موجة من الغضب والقلق، لا سيما بين من عاشوا فصولاً دامية تحت تهديد “داعش”، ويعرفون جيداً دلالات تلك الرموز وماذا تعني.
في الوقت الذي تصر فيه حكومة دمشق على أنها “تلاحق خلايا التنظيم الإرهابي وتتصدى لأي ظهور له”، جاء هذا الظهور العلني ليضع هذه التصريحات موضع تشكيك، ويثير تساؤلات جادة حول الجهة التي سمحت – أو غضّت الطرف – عن عبور هذه الرموز من جديد إلى الفضاء العام. ويخشى كثيرون من أن تكون هذه الخطوة مقصودة، وتهدف إلى بث الرعب واستعادة أجواء الخوف من خلال إعادة توظيف صورة “داعش” كأداة للضغط أو السيطرة.
ووفقاً لمراقبين، فإن هذا المشهد لا يمكن قراءته كحادثة معزولة أو مجرد استعراض فردي، بل يعكس خللاً عميقاً في المنظومة الأمنية، ويثير شكوكا حقيقية حول وجود توجهات لإعادة استخدام “ورقة الإرهاب” كوسيلة لترهيب المجتمع أو تبرير تشديد القبضة الأمنية، خاصة في مناطق سبق أن خضعت لسيطرة المعارضة أو كانت خارج نفوذ الدولة.
بالنسبة لسكان حلب، لا تمثل شعارات “داعش” مجرد أقمصة سوداء أو كلمات، بل هي صور محفورة في الذاكرة الجماعية، تحمل معها ذكريات موجعة من القتل والذبح والتهجير. ولذلك، فإن أي ظهور لهذه الرموز – حتى وإن كان رمزياً أو محدوداً – يُنظر إليه بوصفه تهديداً مباشراً لأمن الناس واستقرارهم النفسي، ويعيد إلى السطح أسئلة لم تُجب عنها الدولة السورية حتى الآن: من الذي يرعى هذه الظهورات؟ ولماذا في هذا التوقيت؟ وما الرسائل التي يُراد إيصالها للمدنيين؟
اللافت في الحادثة هو غياب أي بيان رسمي يوضح الملابسات أو يبرّر تقصير الأجهزة الأمنية، ما اعتبره ناشطون ومراقبون مؤشراً إضافياً على التواطؤ أو على الأقل التهاون في التعامل مع مظاهر تهدد الأمن العام. ويخشى البعض من أن تتكرر هذه المشاهد في مدن أخرى، إذا لم يتم التحقيق بجدية في الحادثة ومحاسبة المسؤولين عنها.
ويضيف الحدث طبقة جديدة من التعقيد إلى المشهد السوري، الذي يتسم أصلاً بالتوتر والهشاشة، ويضع سلطات دمشق أمام اختبار حقيقي بشأن التزاماتها المعلنة بمحاربة الإرهاب، بعيداً عن الاستخدام السياسي أو الإعلامي لهذه التهديدات.
إن ظهور مسلحين يحملون شعارات تنظيم “داعش” في قلب مدينة حلب ليس مجرد حادث عابر، بل إنذار خطير يكشف هشاشة الوضع الأمني، ويفتح الباب أمام تساؤلات عميقة حول دور السلطات في إنتاج أو احتواء مظاهر التطرف. ومهما كانت الدوافع أو الخلفيات، فإن الرسالة التي تلقّاها الأهالي واضحة: لا شيء يمنع تكرار الكابوس من جديد، طالما أن الرمز نفسه ما زال يُسمح له بالتجول بحرية تحت نظر الدولة
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.