هـ.ـزيمة مـ.ـدوية لسلـ.ـطة دمشق في السويداء تُسفر عن نتائج كـ.ـارثية في المستوى الوطني
أعلنت سلطة دمشق ليلة الأربعاء عن سحب قـ.ـواتها بكامل عتادها من محافظة السويداء، وزعمت أنه يأتي «تطبيقاً للاتفاق المبرم مع مشايخ العقل في المدينة، وبعد انتهاء مهمة الجيش في ملاحقة المجموعات الخارجة عن القانون». يأتي ذلك بعد الخسائر الكبيرة التي منيت بها قوات السلطة نتيجة المقاومة العنيفة التي أبدتها القوات الدرزية والضربات الجوية الإسرائيلية، التي قالت أنها تأتي بعد أن خرقت سلطة دمشق اتفاق معها بجعل الجنوب السوري منطقة منزوعة السلاح، حيث قامت بإرسال قوات كبيرة إلى السويداء بدعم تركي وسعودي. وفي السياق نفت الرئاسة الروحية للموحدين الدروز أي «اتفاق أو تفاوض أو تفويض مع هذه العصابات المسـلحة التي تُسمّي نفسها زوراً حكومة». وحذرت من أي شخـص أو جـهة تخرج عن هذا الموقف الموحّد، وتقوم بالتواصل أو الاتفاق من طـ.ـرف واحد «ستُعرض نفسها للمحاسبة القانونية والاجتماعية دون استثناء أو تهاون». يأتي ذلك بعد أن أعلنت سلطة دمشق عن إبرامها اتفاق مع الشيخ “يوسف الجربوع” أحد مشايخ الطائفة لوقف القتال في السويداء والسماح بسيطرة الدولة عليها. لترد “حركة رجال الكرامة” أبرز فصائل السويداء ببيان أكدت فيه على أن «أي اتفاق لا يشمل انسحاب كافة القوات الغازية التي ارتكبت فظائـ.ـعاً غير مسبوقة في تاريخ محافظة السويداء ومجـ.ـازراً وحشيـ.ـة ترقى إلى جرائـ.ـم حرب بحق أهلنا الأبرياء لن يكون مقبولاً على الإطلاق» وأضافت «تؤكد حركة رجال الكرامة وبعد استشهـ.ـاد خيرة قادتها ومقاتليـ.ـها أنها ستبقى تدافع حتى آخر مقاتـ.ـل قادر على حمل السلاح فيها ما لم ينسحب الغـ.ـزاة من كافة القرى والبلدات التي استباحوها».
وفي السياق، قال رامي عبدالرحمن “مدير المرصد السوري” إن انسحاب قوات السلطة من السويداء لم يكن نتيجة الاتفاق الذي عقد الأربعاء بين الشيخ يوسف الجربوع وسلطة دمشق، بل بين إسرائيل والسلطة بوساطة أمريكية، وأشار المرصد السوري إلى سقوط أكثر من 500 قتيل بين مقاتل ومدني من كلا الطرفين نتيجة المعارك التي استمرت نحو 4 أيام. كما ونقل الإعلام الإسرائيلي عن مصادر عسكرية وأمنية إسرائيلية، أن إسرائيل وجهت ضرباتها الجوية لسوريا في سبيل منع دخول قوات سلطة دمشق الأمنية والعسكرية للجنوب السوري، ولحماية الطائفة الدرزية، وقالت أنها لن تتوقف عن القصف إلا بعد تلقيها وعداً من السلطة بالانسحاب الكامل من السويداء وريفها، ووفقاً لشروط فرضتها إسرائيل تمثلت في “انسحاب كامل عسكرياً وأمنياً مع العتاد من السويداء وريفها”. وفي سياق متصل، أطلقت قوات سوريا الديمقراطية ووحدات حماية المرأة تحذيرات من مغبة استمرار الانتهاكات ضد المواطنين الدروز وقال الجنرال مظلوم عبدي في تغريدة على منصة “إكس” الأربعاء، أنهم تلقوا مناشدات من أهالي السويداء لتأمين ممرات آمنة للمدنيين ووقف الهجمات التي تستهدفهم. معتبراً قتل النساء والأطفال والاعتداء على الرموز الدينية جريمة بحق الإنسانية وقيم السوريين، وأضاف « يجب وقف هذه الأعمال العدوانية فورًا ومحاسبة المسؤولين عنها». من جانبها أكدت وحدات حماية المرأة أنها ستتحمل كل المسؤولية دون تردد في حماية أهالي بالسويداء، معربة عن استنكارها للجرائم والانتهاكات التي ارتكبت بحق الدروز في، وقالت: “نحن على أتم الاستعداد لمواجهة كل هجمات التي تستهدف النساء والمدنيين الدروز، ونتحمل كل المسؤولية الملقاة على عاتقنا دون تردد”.
ويرى مراقبون معظم التطورات التي شهدتها حرب سلطة دمشق على أهالي محافظة السويداء والتي استمرت لنحو 4 أيام، على أنها هزيمة أخلاقية وعسكرية وسياسية مدوية، وكشفت «حجم العقلية الإرهابية التي تدير السلطة في دمشق». ووفقاً لما قاله مراقبون لشبكة NPN، تمثلت الهزيمة الأخلاقية بمشاهد الانتهاكات التي تعرض لها المدنيون الدروز من المعاملة المهينة والتعذيب وقتل المدنيين والأسرى والتمثيل بالجثث من قبل عناصر قوات سلطة دمشق والجماعات المسلحة القادمة من محافظة درعا والبادية وحماه وديرالزور ومن ثم التفاخر بها وتصويرها ونشرها على منصات التواصل الاجتماعي صدمة كبيرة لدى الرأي العام السوري والعالمي، كما وكشفت المسيرات المؤيدة لسلطة دمشق في حربها على أهالي محافظة السويداء وتعاطف غالبية السوريين مع أهالي المحافظة من جهة أخرى مدى الانقسام العميق الذي تعانيه البلاد. أما الهزيمة السياسية فتمثلت برفض دعوة وزارة خارجية سلطة دمشق لعقد جلسة لمجلس الأمن لمناقشة الهجمات الإسرائيلية على سوريا، بالإضافة إلى عدم قدرة رئيس السلطة “أحمد الشرع” عن إلقاء كلمته وسط أنباء عن فراره من قصر الشعب بعد الضربات الإسرائيلية على محيطه. إلى جانب التنديد الدولي والمحلي بالفوضى التي تسببت بها قواته في السويداء، وفشل رهانه على كسب الوقت في مفاوضات التطبيع مع إسرائيل واستغلالها للسيطرة على السويداء، ويبدو إن الرد الإسرائيلي لم يكن متوقعاً بهذا الحجم. بالإضافة إلى ازدياد انعدام ثقة المجتمعات المحلية والأقليات بسلطة دمشق. أما الهزيمة العسكرية فيرى المراقبون بأنها تجسدت في حجم الخسائر الكبيرة التي تعرضت له قواتها مقارنة مع حجم القوة الصغيرة نسبياً التي قاومته في المدينة وريفها، كما شكل القصف الإسرائيلي لمبنى رئاسة الأركان ضربة كبيرة للهيبة العسكرية التي تحاول فرضها على السوريين. بالإضافة إلى الانسحاب “المذل” لقواتها تحت جنح الظلام وبشكل عاجل استجابة للطلب الأمريكي والإسرائيلي بعد أن حاول فرض اتفاق وصفه الهجري “بالمذل” على أهالي السويداء.
وتشير معظم المعطيات الميدانية إلى أن فشل السيطرة على السويداء سيترتب عليه نتائج قاسية على سلطة دمشق، منها إعادة قسد والإدارة الذاتية النظر في أسلوب وشروط تفاوضهما مع السلطة، كما إن الدروز سيستفبدون من هذه التجربة المريرة لتعزيز صفوفهم والاستعداد لهجمات مماثلة، بالإضافة إلى اكتساب العلويين دفعاً معنوياً لإعادة ترتيب صفوفهم، كما سيستغل تنظيم داعش هذا الفشل لاستقطاب المزيد من العناصر المتشددة من صفوف “هيئة تحرير الشام” مستغلاً فشلها، بالإضافة إلى اتخاذ إسرائيل استراتيجية جديدة لمواجهة التحديات الأمنية والعسكرية في الجنوب السوري، حيث أجرى رئيس الأركان الإسرائيلي إيال زامير، مساء الأربعاء، تقييمًا للوضع في معسكر “نَفَح” في هضبة الجولان، بمشاركة قادة الجيش الإسرائيلي وقال «نحن نعمل بحزم على منع تمركز جهات معادية خلف الحدود، وعلى حماية مواطني دولة إسرائيل ومنع الاعتداء على أبناء الطائفة الدرزية» وأضاف «لن نسمح للجنوب السوري بأن يتحوّل إلى معقل للإرهاب. ولن نعتمد على أحد، وسندافع عن البلدات المتاخمة للحدود. ولا مجال للفوضى أو خرق النظام على السياج الحدودي». يأتي ذلك وسط توقعات بفتح سلطة دمشق جبهة أخرى لحفظ ماء الوجه، قد تكون في مناطق شمال وشرق سوريا…
نورث بالس
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.