NORTH PULSE NETWORK NPN

الدور التركي في أحداث السويداء.. تدخل استخباراتي مباشر ومُنسّق مع مسلحي العشائر

 

الحضور التركي الاستخباراتي في الجنوب السوري

 

أثارت تصريحات وزير الخارجية التركي “هاكان فيدان” حول إجراء اتصالات في المستوى الاستخباراتي مع إسرائيل الكثير من التساؤلات حول الدور التركي في المعارك الدامية التي شهدتها محافظة السويداء مؤخراً، ومدى الحضور الاستخباراتي التركي في الجنوب السوري، خاصة بعد عودة المئات من عناصر فصائل “الجيش الوطني” الموالية لها إلى مناطقهم الأصلية في الجنوب السوري بعد سقوط النظام. وفي هذا السياق أكدت مصادر عسكرية رفيعة المستوى في قيادة المجلس العسكري بمحافظة السويداء على “وجود موثق لعناصر تابعة لجهاز الاستخبارات التركية (MIT) في كل من ريف السويداء الغربي وريف درعا الشرقي”. وأشارت إلى أن ضباط الاستخبارات الأتراك “يتوزعون في مقرات قيادة ميدانية متنقلة” ويضطلعون بمهام: تقديم الدعم اللوجستي للمجموعات المسلحة المرتبطة بتركيا. والإشراف على التخطيط العملياتي للهجمات التي ينفذونها، وإدارة الاتصالات العسكرية وتنسيق عمليات الطائرات المسيرة (استطلاع، مراقبة، وتوجيه ضربات). بالإضافة إلى تنظيم المهام العسكرية من خلال توجيهات تتم في اجتماعات مغلقة مع قادة ميدانيين للفصائل المسلحة لتنسيق العمليات الهجومية. ووفقاً لمصادر تهدف هذه الأنشطة إلى “تمكين الفصائل المرتبطة مع أنقرة من التمدد في الجنوب السوري، وتغيير خارطة النفوذ الميدانية بما يخدم المصالح التركية الاستراتيجية”.

 

وذكرت مصادر عسكرية في السويداء إدخال معدات عسكرية خفيفة وأسلحة نوعية إلى المجموعات المهاجمة عبر معابر غير نظامية من محافظة درعا والقرى الحدودية مع السويداء لم تكن هذه المجموعات تمتلكها من قبل، وهو ما أكدته مصادر محايدة من وسائل الاعلام التي غطت مجريات الأحداث في جبهة قوات السلطة والمجموعات المسلحة التابعة لها. ووفقاً للمصادر، البعض من هذه المعدات كانت تحمل علامات منشأ تركية، بالإضافة إلى مشاكل تقنية في خدمة الإنترنت والاتصال في الجنوب السوري نتيجة استخدام تقنيات تشويش واتصالات مشفرة حديثة تُستخدم حصراً من قبل القوات التركية الخاصة، كما تم تسليم أجهزة اتصال من طراز ASELSAN التركية، المخصصة فقط للفصائل الموثوقة في الشمال السوري ضمن تصنيفات الاستخبارات التركية.

 

وفي محيط بلدة “بصرى الشام” كانت طبيعة الهجمات التي تعرضت لها القرى الدرزية مختلفاً عن تلك الهجمات التي جرت في الريف الشمالي من المحافظة، وأكدت المصادر العسكرية وجود غرفة عمليات ميدانية تركية في محيط بلدة بصرى الشام، يُشرف عليها ضباط من جهاز الاستخبارات التركي، ظهر ذلك بشكل واضح من خلال التحركات المنسقة للمجموعات العشائرية المسلحة خاصة تلك المشاركة في الهجمات باتجاه تخوم السويداء، بالإضافة إلى التحرك استناداً إلى خرائط عملياتية دقيقة وأجهزة اتصال مشفرة للعناصر المنفذة أمنتها الاستخبارات التركية التي أشرفت أيضاً على إدارة الطائرات المسيرة التي تولت تحديد الأهداف الميدانية وتوجيه وحدات الاقتحام.

 

تورط الفصائل الموالية لتركيا في معارك السويداء

 

نقلت وسائل اعلام محلية عن بعض أسرى المسلحين الذين وقعوا في قبضة القوات الدرزية والوثائق التي تم الاستيلاء إليها بعد إعادة السيطرة على بعض المواقع التي كان المسلحون قد سيطروا عليها، أن العناصر المشارِكة في العمليات تحت مسمى “قوات العشائر” هم مقاتلون سابقون في فصائل كانت تنشط في الشمال السوري وهو ما أكدته التقارير الإعلامية الواردة عن مشافي درعا حول هوية جرحى المجموعات المسلحة. ووفقاً للتقارير، معظم هذه الفصائل مصنفة كجماعات إرهابية، منها: هيئة تحرير الشام، فرقة الحمزة، فيلق الشام، أحرار الشرقية، وأشارت التقارير إلى أنه تم تسليح هؤلاء العناصر من مستودعات الفصائل في مناطق الباب وإعزاز، تحت إشراف مباشر من ضباط أتراك، وتم نقلهم جنوباً وفق خطة تهريب عسكرية. وفي سياق التمويه التكتيكي للعملية، أكدت المصادر على استخدام الفصائل سيارات تابعة للأمن العام في الحكومة المؤقتة بعد تمويهها بالطين وإزالة اللوحات المعدنية أو تغطيتها. وتغيير الزي النظامي للفصائل إلى اللباس العشائري التقليدي، في محاولة لتقديم القوة كـ”مكون محلي مستقل”، وتم دعم ذلك بترويج اعلامي مكثف للهجوم على أنه “حراك محلي عشائري” بهدف تفادي التدخل الروسي ومنع الحرج السياسي للأردن.

 

ونقلت مصادر عن الوحدات القتالية المتقدمة للمجلس العسكري في السويداء من مصادرة وثائق ومعدات بعد الاشتباكات، تم عرض بعضها لوسائل الاعلام شملت: بطاقات شخصية عسكرية تعود لعناصر معروفين بانتمائهم لفصائل الشمال (أحرار الشرقية – السلطان مراد) المتورطة في جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في الشمال السوري والساحل. بالإضافة إلى تكليفات رسمية بمهمات جنوبية صادرة عن وزارة الدفاع في الحكومة المؤقتة. حيث تشكل هذه الوثائق أدلة دامغة من المتوقع تسليمها للجان التحقيق الدولية.

 

اجتماعات وتخطيط عملياتي مشترك.

 

بعد هجوم جوي نفذته القوات الإسرائيلية على كتيبة عسكرية في محيط بلدة “إزرع” بريف درعا الشمالي، ذكرت مصادر في محافظة درعا إن اجتماع مغلق عُقد بتاريخ 17 تموز 2025 داخل معسكر تابع لفصيل “جيش الشرقية” في شمال درعا، حضره ضباط من الاستخبارات التركية، وقادة ميدانيين مما يُسمى “قوات العشائر”، تم خلاله اعتماد خطة تسلل تدريجي نحو أطراف السويداء، تستند إلى إخفاء الهوية الفعلية للقوة المنفذة. وتفعيل قنوات تنسيق ميداني خاصة مع الأتراك، وتكثيف التحرك الليلي وتجنب الاشتباك المباشر حتى استكمال التمركز. أما إدارة الهجوم فقد ذكرت المصادر أنها كانت ولا تزال تخضع مباشرة لتوجيه كل من: مرهف أبو قصرة (وزارة الدفاع المؤقتة) وهو المسؤول عن إصدار الأوامر العملياتية بالتنسيق مع غرفة العمليات التركية. وأنس خطاب (وزارة الداخلية المؤقتة) – يتولى تنسيق الجانب اللوجستي والإداري، بما يشمل: تنقلات الأفراد والعتاد من الشمال إلى الجنوب. وتأمين خطوط التهريب عبر البادية. وترتيب نقاط الإمداد والاتصال بين المحاور.

 

تشير التحركات الأخيرة للفصائل المسلحة تحت غطاء “قوات العشائر” إلى مستوى غير مسبوق من التدخل التركي الميداني في الجنوب السوري، باستخدام أدوات عسكرية وأمنية مشابهة لتلك التي استخدمت في الشمال السوري والساحل. ويعد مراقبون هذا التمدد جزءاً من استراتيجية تركية لإعادة تشكيل الخارطة الميدانية عبر الفصائل الوكيلة، بما يعكس استعداد أنقرة للمضي في التصعيد الميداني عبر أدواتها المحلية، مع الحرص على تمويه الهوية العملياتية وتجنب أي صدام دبلوماسي مباشر مع روسيا أو الأردن.

إعداد وتحرير: عصام المنذر

نورث بالس

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.