الفصـ.ـائل تتعامل مع عفرين كـ «مستعمـ.ـرة» رغم إعلان انـ.ـدماجها بوزارتي دفـ.ـاع وداخلية سلـ.ـطة دمشق
على الرغم من الوعود التي قطعتها سلطة دمشق بإعادة المهجرين إلى مناطقهم وتشكيل ما يسمى بـ”هيئة العدالة الانتقالية” والتظاهر أمام المنظمات الدولية بالالتزام بتحقيق العدالة وحماية السوريين، وإعلانها دمجها لفصائل “الجيش الوطني” المدعوم من تركيا إلى وزارتي الدفاع والداخلية وتوقيع اتفاقيات مع قوات سوريا الديمقراطية والإدارة الذاتية لحل ملف الشمال السوري، كل هذه الأمور لم تعد سوى استعراضات اعلامية وتضليل متعمد للتغطية على السياسة الإقصائية التي تنتهجها سلطة دمشق، ويؤكد ناشطون أنه «لا توجد أية مؤشرات على بناء دولة المواطنة واحترام حقوق الإنسان والوفاء بالتعهدات والجرائم ضد الإنسانية التي ارتكبت في عفرين والساحل والسويداء دليل قوي يثبت هذه الحقيقة..»، في الوقت الذي يعيش فيه نازحو ومهجرو عفرين في مناطق شمال وشرق سوريا أوضاع مأساوية في ظل غياب الدعم والمساعدة لهم. ووفقاً لناشطين وتقارير الحقوقية تتعامل سلطة دمشق والفصائل المدعومة من تركيا مع منطقة عفرين سياسة التعامل مع “مستعمرات” حيث يتم اضطهاد السكان ونهب الخيرات ومصادرة الممتلكات والتحكم بتنقلات الأهالي، وخلق بيئة أمنية يسودها الخوف والقلق من التعرض للاعتقال أو التعذيب أو السلب أو القتل في أي لحظة. هذه السياسية تمنع الآن عودة مئات الآلاف من مهجري عفرين من العودة إلى منازلهم، حيث يعيشون في أماكن نزوحهم ظروفاً معيشية مأساوية وصعبة بسبب قلة المساعدات والدعم اللازم والإفتقار إلى مأوى مناسب، ومياه الشرب النظيفة، والغذاء، والرعاية الصحية، والتعليم. كما أن المخيمات مكتظة وتفتقر إلى البنى التحتية الأساسية، ويتفاقم الوضع مع الكوارث الطبيعية مثل الأمطار والثلوج والفيضانات، إضافة إلى شح المياه وارتفاع درجات الحرارة في الصيف. ويناشد الأهالي المهجرون، الجهات الدولية بالضغط على “الحكومة السورية الانتقالية” بتسهيل عودتهم إلى ديارهم وتقديم ضمانات لهم بعدم التعرض لهم وإعادة ممتلكاتهم واخراج اامسلحين والمستوطنين من منازلهم.
وتؤكد منظمة حقوق الإنسان عفرين- سوريا في تقريرها على أن فصائل مايعرف سابقا ـ “الجيش الوطني” تواصل بضوء أخضر تركي جميع أنواع الانتهاكات بحق أهالي عفرين سواء من تبقى ورفض التهجير أو الذين هجروا عبر التصرف بممتلكاتهم وسلبها ونهبها في ظل غياب الأمن والأمان عن المدينة وريفها والتناحر الفصائلي المستمر بسبب خلافات الفصائل على سرقة ممتلكات المدنيين وصراع السيطرة عليها. ومن هذه الانتهاكات التي ارتكبت مؤخراً تعرض قرية بوزيكه – ناحية جنديرس بريف عفرين مساء أمس الأحد 31 أغسطس الفائت، لحملة مداهمة وتفتيش لمنازل المواطنين الكرد من قبل لصوص ملثمين جلهم من المستوطنين الرعاة الذين يسكنون في محيط القرية منتحلين صفة الأمن العام، وأخرجوا الأهالي من منازلهم بذريعة البحث عن المطلوبين حسب زعمهم. وبعد عودة الأهالي إلى منازلهم وخروج المسلحيين من القرية، فوجئوا بأن القرية قد تعرّضت لعمليات نهب شملت كامل ممتلكاتهم، بما في ذلك الذهب والمجوهرات، والدولارات، وبعض أثاث المنازل. وأضافت المنظمة الحقوقية إن الأمن العام في عفرين «تنصل من مسؤولياته»، بزعم أن العناصر الذين نهبوا القرية مجهولين وغير تابعين لوزارة الداخلية، وادعوا أنهم «لا يستطيعون التدخل كون هؤلاء المستوطنين والمسلحين يتبعون لفصائل مايعرف سابقا بـ”الجيش الوطني” السوري المدعوم من تركيا ولاقدرة لهم على تلك الجهات» .
ووثقت منظمة حقوق الإنسان عفرين- سوريا وتقارير حقوقية لنشطاء عفرين حصيلة جديدة من الانتهاكات والجرائم خلال شهر آب الفائت، تمثلت باعتقال واختطاف 5 مواطنين بينهم شاب قاصر، ومقتل فتاة في ظروف غامضة، والاعتداء على 6 مواطنين كرد أحدهم من تل عران من قبل لصوص وقطاعي الطرق وإطلاق الرصاص الحي على بعضهم. وإصابة طفل في بلدة الباسوطة برصاصة طائشة للفصائل خلال تدريبات لهم، بالإضافة إلى نقل مابين 600 – 700 معتقل وسجين كردي من سجون عفرين إلى سجني الراعي وحور كلس بريف حلب الشمالي الخاضعين لاشراف الاستخبارات التركية وفصيل “فرقة السلطان مراد”، كما وتم إحراق غابات في جبل قرية الجبلية /جيه حيث امتدت النيران حتى جبل “حجيكا” بناحية راجو. والجديد في الانتهاكات كان توطين 3 عوائل الايغورية في منازل المهجرين الكرد قسراً في قرية معرسكه- ناحية شران بريف عفرين الخاضعة لسيطرة فصيل “فرقة الحمزات”، وقاموا بإطلاق الرصاص على أهالي القرية لمطالبتهم باخلاء منازلهم، كما عمد المستوطنين الجدد على منع الأهالي من العمل في حقولهم وقطف موسم التين، وسط تأكيدات بجلب المزيد من هؤلاء المستوطنين.
ويؤكد مختصون في التاريخ السياسي للمنطقة على أن عفرين يتم التعامل معها بمعاملة “مستعمرة” مستندين في ذلك إلى حرمان الأهالي من العدالة ونهب مواسمهم الزراعية وفرض الأتاوات عليهم، وما يؤكد ذلك سياسة نهب المواسم الزراعية التي تتم حالياً في قرى عفرين، ونقلت وكالة “نورث برس” شهادات الأهالي تؤكد عودة المكاتب الاقتصادية التابعة للفصائل المسلحة السابقة مع اقتراب موسم الزيتون في منطقة عفرين، وذلك بعد أشهر قليلة من إعلان حلّها ودمج الفصائل في وزارة الدفاع لدى سلطة دمشق. رغم أن الإدارة المحلية برئاسة “مسعود بطال” والتابعة لدمشق كانت قد تعهّدت بإنهاء نفوذ الفصائل وإغلاق المقرات العسكرية والأمنية في القرى والبلدات كافة. وأكدت الشهادات على أن هذه المكاتب بدأت بفرض الأتاوات على موسم الزيتون والاستيلاء على أملاك المهجّرين والمغتربين، إلى جانب رفض الاعتراف بالوكالات القانونية والملكية الرسمية. وأشار الأهالي إلى عودة قادة المكاتب الاقتصادية لممارسة أدوارهم السابقة، الأمر الذي أثار موجة استياء ومخاوف واسعة. ففي ناحية بلبل، برز اسم “أبو يامن الفاعوري” نائب المسؤول الاقتصادي في فصيل “السلطان مراد”، و”طارق الجوري” المسؤول الميداني لفصيل “الحمزات” الذي أعاد بدوره تفعيل مكاتبه الاقتصادية في القرى الممتدة من بلبلة حتى عفرين مروراً بناحيتي راجو وجنديرس. و”أبو عبود”، المسؤول الاقتصادي لفصيل المنتصر بالله، بالإضافة إلى عودة فصائل المعتصم بالله وفيلق المجد وأحرار الشرقية ومحمد الفاتح والمنتصر بالله نشاط مكاتبها الاقتصادية. وقد أجرى هؤلاء الزعماء جولات ميدانية على القرى الخاضعة لسيطرة فصيل كل واحد منهم وأمروا مخاتير القرى بمنع العائدين بعد سقوط النظام من جني الزيتون أو التصرف بأراضيهم، والإعلان عن رفض جميع الوكالات القانونية والملكية الرسمية. كما وطالبوا المخاتير بإعداد قوائم بأسماء العائدين، وتوجيه تهديدات مبطنة لكل من يحاول خرق هذه التعليمات، بالتوازي مع نشر نقاط عسكرية حول الحقول. وأشارت الوكالة نقلاً عن الأهالي إلى غياب أي دور رقابي فعلي من جانب الأجهزة الرسمية حيث يقوم المسؤولون الأمنيون التابعين للسلطة بتحويل شكاوي الأهالي إلى زعماء الفصائل الذين يرتكبون هذه الانتهاكات، وقبل أيام حاول عدد من وجهاء المنطقة نقل شكاواهم إلى إدارة عفرين التابعة لسلطة دمشق والاجتماع مع مسعود بطال وذكّروه بالوعود السابقة التي أطلقها هو ورئيس السلطة “أحمد الشرع” بشأن إنهاء نفوذ الفصائل. إلا أن الواقع الميداني يعكس استمرار نفوذ الفصائل، الأمر الذي يُبقي موسم الزيتون – المصدر الأساسي لاقتصاد عفرين – مهدداً بالابتزاز والقيود. ومع غياب آليات واضحة لفرض سلطة الإدارة الجديدة، يعيش الأهالي حالة قلق من تكرار معاناتهم مع كل موسم جديد..
نورث بالس
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.