NORTH PULSE NETWORK NPN

من هو القاضي طارق بيطار؟

نورث بالس
اندلعت يوم أمس الخميس اشتباكات داخل مدينة بيروت اللبنانية، على خلفية خروج مؤيدين لحزب الله وحركة أمل في تظاهرة للاعتراض على تعيين القاضي “طارق البيطار” محققاً عدلياً في قضية تفجير مرفأ بيروت الذي حدث العام الماضي. وأثناء مرور التظاهرة، تعرضت لإطلاق نار، ما لبثت أن تحولت التظاهرة إلى اشتباكات دامية سقط على إثرها سبعة قتلى وعدد من الجرحى.
فمن هو القاضي “طارق البيطار” الذي أثار الجدل، وكان تعيينه قاضياً عدلياً في التحقيق في ملابسات تفجير المرفأ سبباً في اندلاع الاشتباكات؟
ينحدر بيطار (46 عاماً) من بلدة عيدمون العكارية شمال لبنان، وعُيّن رئيساً لمحكمة الجنايات في بيروت عام 2017، وتولى التحقيق في الكثير من القضايا التي شغلت الرأي العام، أبرزها قضية الطفلة إيلا طنوس التي فقدت أطرافها الأربعة بسبب خطأ طبي وأنصفها بيطار في حكمه.
وفي تاريخ 19 فبراير/شباط الماضي، وافق مجلس القضاء الأعلى على تعيين رئيس محكمة الجنايات في بيروت القاضي طارق بيطار محققاً عدلياً في قضية انفجار مرفأ بيروت، بعدما كانت وزير العدل السابقة في حكومة حسان دياب “ماري كلود نجم”، قد اقترحت اسمه خلفاً للقاضي “فادي صوان” الذي كفّت يده بدعوى النقل للارتياب المشروع التي قدمها الوزيران السابقان النائبان “علي حسن خليل” و”غازي زعيتر”.
ويتمتع القاضي بيطار بسمعة قضائية جيدة، وهو غير محسوب على أي حزب سياسي، وكان الاسم الأول الذي اقترحته ماري كلود نجم ليتولى التحقيق في انفجار مرفأ بيروت، بيد أنه تحفّظ على استلام المهمة لأسباب شخصية، وفق ما أعلنت وزير العدل السابقة، غير أنها عادت واقترحت اسمه عند كف يد صوان، وقالت إنها حصلت على تأكيد منه بأنه سيذهب حتى النهاية في الملف.
وباشر القاضي البيطار مهامه وهو يدرك تماماً حجم العوائق والعراقيل التي ستحاول الطبقة السياسية إقفال طريق العدالة بها، منعاً للوصول إلى الحقيقة وللإفلات من العقاب، وحرص منذ اليوم الأوّل على دراسة الملف جيداً لتفادي الوقوع في الحفرة التي استُدرج إليها سلفه، فعمد إلى تصحيح المسار، واتخاذ الإجراءات بتأنٍ وإتقانٍ ومراجعة دقيقة لتكون خالية من أي شائبة أو ثغرة تستغلّ ضده.
ولاقى بيطار دعماً لافتاً من أهالي ضحايا انفجار مرفأ بيروت وقسم كبير من اللبنانيين والحقوقيين اللذين اعتبروا أن استراتيجية القاضي بيطار تسير في الاتجاه الصحيح ضمن مسار تحقيق قد يصل إلى جلب المدعى عليهم، إلى الجهات المسؤولة عن الشحنة مباشرة وعن سبب التخزين.
وخلال تموز/يوليو الماضي، استؤنفت المعركة السياسية مع إطلاق البيطار لائحة لادعاءات ضمت أسماء ادعى عليه القاضي السابق فادي صوان بتهم الإهمال والتقصير والتسبب بوفاة وجرح مئات الأشخاص.
وطلب القاضي بيطار رفع الحصانة عن النواب الحاليين من أجل استجوابهم، كما سلك طرق قانونية بالطلب إلى نقابة المحامين في الشمال لإعطاء الإذن بملاحقة وزير الأشغال السابق فنيانوس باعتباره محامياً.
وكذلك الأمر من نقابة المحامين في بيروت لملاحقة النائبين المحاميين خليل وزعيتر، فكان أن وقف البرلمان في وجهه وسلك جملة مناورات احتيالية للمماطلة ومواجهة طلبات المحقق العدلي والتذرع بأنه ليس المرجع الصالح لتعبيد الطريق أمام تحويل الملف للمجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء المُعطَّل أساساً.
ووسط الحصار الذي فُرض على البيطار، اغتنم المحقق العدلي فرصة تعليق الحصانات النيابية بفعل نيل حكومة “نجيب ميقاتي” الثقة، فسارع إلى تحديد جلسات استجواب للمدعى عليهم قبيل 19 أكتوبر/ تشرين الأول، وهو تاريخ استعادة حصانتهم، بيد أن الدعاوى انهالت عليه وتوقف التحقيق مرتين.
وعلى ما يبدو أن تهديدات أمين عام “حزب الله” حسن نصر الله وتخيير الحكومة بين تفجيرها أو إقالة بيطار وحصول اشتباكات بيروت يوم الخميس وإعلان الحداد العام وإقفال جميع المؤسسات والإدارات يوم الإثنين بمناسبة عيد المولد النبوي الشريف، كلها صبت في مصلحة المدعى عليهم.

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.