NORTH PULSE NETWORK NPN

احتدام الصراع بين «السراج وباشاغا» في طرابلس وسط دعوات أميركية وأممية للتهدئة

نورث بالس

دخل الصراع على النفوذ بين أجنحة حكومة «الوفاق» الليبية في العاصمة طرابلس، مرحلة جديدة ومفتوحة، بعدما قرر رئيسها فائز السراج، إيقاف وزير داخليته فتحي باشاغا عن العمل احتياطياً وإحالته إلى تحقيق إداري، ما أثار ردود فعل متباينة ما بين تأييد ومعارضة، رغم إعلان الأخير امتثاله للقرار، شريطة أن تكون جلسة التحقيق علنية ومتلفزة.
وترأس السراج في ساعة مبكرة من صباح أمس، اجتماعا للمجلس الرئاسي لحكومته، لمناقشة الوضع السياسي والأمني والعسكري الراهن، والإجراءات والتدابير التي اتخذتها وزارة الداخلية لتأمين المتظاهرين، والاطلاع على التحقيقات التي أجريت فيما وقع من تجاوزات تجاههم.
كما ناقش الاجتماع، بحسب بيان حكومي، المواقف التي اتخذها باشاغا والبيانات التي أصدرها مؤخراً، وقرر إيقافه ومثوله للتحقيق وتكليف وكيل الوزارة بتسيير عمل الوزارة.
وفي محاولة لاحتواء الاحتجاجات الشعبية ضد الحكومة، قرر المجلس تكليف القوة المشتركة التابعة لغرفة العمليات المشتركة بالمنطقة الغربية بقيادة أسامة جويلي، بضبط الأمن وتأمين العاصمة بالتنسيق مع وزارة الداخلية والأجهزة الأمنية المختصة الأخرى، كما قرر استئناف صرف علاوة العائلة، وكلف وزارة الشؤون الاجتماعية بوضع جدول صرف القيمة الشهرية لمستحقيها قبل نهاية العام الجاري. كما أكد المجلس على المتابعة الدقيقة للشركة العامة للكهرباء في إنجاز مشاريعها بصفة عاجلة، والعمل على عودة عدد من الشركات المنفذة بدءاً من هذا الأسبوع.
وبينما احتفلت القوة المشتركة الموالية للسراج بقراره بوقف باشاغا، وأطلقت الألعاب النارية في ساحة التظاهر الرئيسية في «ميدان الشهداء» بوسط العاصمة طرابلس ابتهاجا بإحباط ما وصفته مصادر حكومية بـ«الانقلاب»، الذي قالت إن باشاغا يخطط له مع خالد المشري رئيس المجلس الأعلى للدولة وجماعة «الإخوان المسلمين»، اندلعت مظاهرات في مدينة مصراتة بغرب البلاد، التي ينتمي إليها باشاغا للمرة الأولى منذ مظاهرات طرابلس، احتجاجاً على القرار، حيث هتف محتجون أمام منزل أحمد معيتيق نائب السراج لمطالبته بتقديم استقالته والتخلي عن منصبه ورددوا شعارات مناوئة له.
كما تظاهر موالون لباشاغا مع عناصر من الأمن أمام قاعة الشعب في مصراتة رفضاً لقرار حكومة السراج، الذي اعتبروه خاضعاً لهيمنة حفنة من المرتزقة الموالين لتركيا، وطالبوا بحكومة جديدة ونقل مقرها من طرابلس إلى أي مدينة أخرى.
وتسارعت وتيرة الأحداث داخل معسكر «الوفاق» على خلفية إطلاق مسلحين النار على متظاهرين سلميين وأسلوب معالجة باشاغا للاحتجاجات في العاصمة طرابلس الأسبوع الماضي، وقال السراج في بيان أصدره مساء أول من أمس، إنه قرر «إيقاف باشاغا احتياطياً عن العمل ومثوله للتحقيق الإداري أمام المجلس الرئاسي خلال أجَل أقصاه 72 ساعة من تاريخ صدور هذا القرار»، كما قرر «تكليف وكيل وزارة الداخلية العميد خالد أحمد التيجاني مازن بتسيير مهام الوزارة».
وأوضح أنه سيتم التحقيق مع باشاغا «بشأن توفير الحماية اللازمة للمتظاهرين والإذن لهم والبيانات الصادرة عنه حيال المظاهرات والأحداث الناجمة عنها التي شهدتها طرابلس وبعض المدن الأخرى خلال أيام الأسبوع الماضي والتحقيق في أي تجاوزات ارتُكِبت في حق المتظاهرين».
بدوره، قال باشاغا العائد من زيارة مثيرة للجدل إلى تركيا، في بيان «أتشرف باستعدادي للمثول للتحقيق وكشف الحقائق كما هي، دون مجاملة ولا مواربة»، لكنه اشترط في المقابل أن «تكون جلسة المساءلة والتحقيق علنية ومنقولة إعلامياً على الهواء مباشرة لإبراز الحقائق أمامكم وأمام الشعب الليبي».
واستغل باشاغا الفرصة للتذكير بـ«اعتراضه» على «التدابير الأمنية الصادرة عن جهات مسلحة لا تتبع وزارة الداخلية وما نجم عنها من امتهان لكرامة المواطن الليبي الكريم وحقوقه وإهدار دمه قمعاً وترهيباً وتكميماً للأفواه حيث لا قانون».
وعلى الفور رحبت قوة حماية طرابلس بقرار السراج «الجريء»، معلنة رفضها أي تدخل في ليبيا من طرف أي دولة عربية أو أجنبية مهما بلغ الخلاف بين الليبيين. وفي إشارة إلى دعمه لباشاغا، قال المشري الذي كان يزور تركيا أيضا تزامنا مع وجود باشاغا هناك، في تغريدة له عبر موقع «تويتر» «فبراير ستنتصر رغم كيد الكائدين».
وسجلت مظاهرات طرابلس أمس، سقوط أول قتيل في أحد مستشفيات المدينة متأثرا بجروحه عقب إصابته وفقا لمصادر طبية وأمنية، بعدما تظاهر المئات في طرابلس وعدة مدن ليبية لمدة أربعة أيام منذ الأحد الماضي في طرابلس احتجاجاً على الفساد وتدهور الخدمات العامة والانقطاع المتكرر للكهرباء والمياه وشح الوقود.
بدورها، أمسكت السفارة الأميركية العصا من المنتصف ولم تنحز لأي طرف في الأزمة الحالية، وقالت في بيان مقتضب لها أمس، إن «الولايات المتحدة تدعم سيادة القانون»، وتقدر «الشراكات الوثيقة مع السراج وباشاغا»، كما تحث على «التعاون من أجل توفير الحكم الرشيد للشعب الليبي».
وحثت بعثة الأمم المتحدة لدى ليبيا، على الهدوء وتطبيق سيادة القانون والحفاظ على حقوق جميع المواطنين في التعبير السلمي عن آرائهم، واعتبرت في بيان لها أمس، أن ليبيا تشهد تحولاً لافتاً في الأحداث يؤكد الحاجة الملحة للعودة إلى عملية سياسية شاملة ومتكاملة من شأنها أن تلبي تطلعات الشعب الليبي إلى حكومة تمثله بشكل ملائم، كما وإلى الكرامة والسلام.
وبعدما قالت إنها تشهد زيادة في التقارير بشأن انتهاكات حقوق الإنسان في البلاد، أوضحت البعثة أن القلق يساورها إزاء استخدام القوة المفرطة ضد المتظاهرين وكذلك الاعتقال التعسفي لعدد من المدنيين، معبرة عن قلقها إزاء التقارير التي تتحدث عن انتهاكات وتجاوزات مستمرة لحقوق الإنسان في سرت.
وكانت الأمم المتحدة أعلنت أن رئيسة بعثتها بالإنابة في ليبيا ستيفاني ويليامز، التي بدأت مساء أول من أمس، زيارة إلى القاهرة لبحث الملف الليبي مع عدد من المسؤولين المصريين، على اتصال حاليا بالأطراف المعنية، بما في ذلك المشير حفتر، من أجل الالتزام بوقف الأعمال العدائية.
المصدر: الشرق الأوسط

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.