NORTH PULSE NETWORK NPN

المرصد السوري يكشف طرق ومراحل تجنيد تركيا للمرتزقة السوريين

لا تزال تركيا مستمرة في مخططها الممنهج لاستغلال الشباب السوري لتحقيق أطماعها التوسعية، ضاربة بالقوانين الدولية وقوانين حقوق الإنسان عرض الحائط، وقد بدا ذلك جليًا في عمليات التجنيد غير المشروع لهؤلاء الشباب، وإرسالهم كمرتزقة للقتال في دول مختلفة بغرض تحقيق الأهداف والمصالح التركية، وفي نظرة مقارنة  يعقدها المرصد السوري لحقوق الإنسان للمرتزقة السوريين المرسلين إلى ليبيا والمرتزقة المرسلين إلى أذربيجان يتبين وجود عدد من أوجه التباين والاختلاف في الحالتين تمثلت في الآتي:

مراحل وطرق تجنيد المرتزقة السوريين وإرسالهم إلى مناطق القتال:

تشابهت مراحل التجنيد للمرتزقة السوريين ابتداءً من مراكز الانطلاق وطرقها حيث ينتقل المرتزقة المجندين للأراضي الليبية وأذربيجان من الأراضي التركية بعد تلقيهم لتدريبات ضمن معسكرات تركية بعد جلبهم من الأراضي السورية، ويتم تجنيد المرتزقة المرسلين إلى طرابلس والمرسلين إلى بـ”ناغورني قره باغ”  في مكاتب للتجنيد بالمناطق الخاضعة للسيطرة التركية في شمال سوريا، من قبل الفصائل الموالية لأنقرة كالحمزات وغيرها بدعم من المخابرات التركية واستعانة بالشركات الأمنية التركية الخاصة، ولكن الفرق في انتشار المكاتب وعددها فالمكاتب التي تختص بتجنيد المرتزقة السوريين لليبيا كانت أكثر انتشارًا وتوسعاً في عملها من تلك التي تختص بإرسال المرتزقة لأذربيجان، وفي هذا السياق يذكر أن هناك توسعًا في عدد مكاتب التجنيد المفتتحة في الشمال السوري ضمن مناطق النفوذ التركي لاستمالة الشباب وإرسالهم للقتال كمرتزقة ومنها: مكتب عفرين شمال حلب، ومكتب تحت إشراف فرقة الحمزات، ومكتب تديره الجبهة الشامية، كما افتتح لواء المعتصم مكتبًا له في قرية قيباريه، إضافة إلى مكتب تحت إشراف لواء الشمال في حي المحمودية.

محفزات التجنيد وعوامله:

قدمت أنقرة للشباب السوري الذي تعتزم تجنيده سواءً في أذربيجان أو ليبيا، عدد من المغريات والمحفزات، كالراتب المغري في وقت يعاني فيه هؤلاء السورييون من الفقر والعوز، حيث تم تخصيص راتب يتراوح بين 1500 و2000 دولارًا لمن يجند ضمن المرتزقة السوريين المرسلين إلى أذربيجان، علاوة على تقديم خدمات إضافية تتكفل بها الدولة المضيفة، ووعود بمنح الجنسية التركية، وفي سياق متصل كشف المرصد أن عمليات التجنيد للمرتزقة المرسلين إلى أذربيجان اعترضتها صعوبات واجهت تركيا، وذلك لرفض شريحة كبيرة من المقاتلين الذهاب للقتال إلى القوات الأذربيجانية، بسبب العامل “الطائفي” بالإضافة للخسائر البشرية الكبيرة التي لحقت بصفوف المقاتلين المرسلين، حتى أن بعض هؤلاء لم يكونوا على دراية أن القوات الآذرية من الطائفة الشيعية، وعادوا بعد ذلك إلى سورية بعد معرفتهم، إلى جانب عدم وجود عداء بين الجانب الأرميني المعادي لتركيا هناك والسوريين، ناهيك عن الأوضاع الصعبة للمقاتلين هناك، في المقابل لم تشهد أنقرة تلك الصعوبة عند تجنيدها للمرتزقة الذاهبين إلى ليبيا بسبب وحدة الاعتقاد والمذهب الديني للبلاد الموفد إليها المرتزقة، واختلاف الاعتقاد الديني للعدو المزعوم وهو” روسيا” والتحريض على الثأر نظير ما اقترفته موسكو في سوريا.

الخداع وعمليات غسيل الأدمغة وتوظيف الجانب الديني:

تعرض المجندين السوريين كمرتزقة إلى سلسة من عمليات الخداع، فقد تم إقناع المرتزقة المرسلين إلى أذربيجان بأنهم لن يشتركوا في أعمال القتال بل سيقتصر دورهم على حراسة  منشآت النفط الآذارية التي ترتبط بتعاقدات مع الجانب التركي، ومن ثم تم نقلهم إلى تركيا ثم نقلوا جواً إلى أذربيجان وشاركوا في القتال ضمن الصفوف الأولى، أما في حالة المرتزقة المرسلين إلى ليبيا فقد تم خداعهم بشكل أكبر عن طريق إيهامهم بأنهم سيستخدمون في عمليات قتالية، تنفذ ضد الجنود الروس في ليبيا، انتقامًا مما مارسوه في سوريا من عمليات قتل وغيرها، وأن المرتزقة سيقاتلون بجانب الجيش التركي، الأمر الذي كان خلاف ذلك، إذ أن الجيش التركي لم يشارك في المعارك، باستثناء بعض الخبراء والضباط الذين يتحصنون في غرف عمليات بعيدة عن جبهات القتال.

وعن استخدام الدين كأداة لجذب أكبر عدد من المرتزقة، في حالة المرتزقة المرسلين إلى ناغورني قره باغ تم إصدار الفتوى الدينية لتسهيل عمليات التجنيد، فقد أصدر أحد ممثلي الجيش الوطني الموالي لأنقرة فتوى تقضي بأن الجهاد في أذربيجان فرض كفاية، بغض النظر إن كان من تقاتل معهم من الطائفة الشيعية “نظرًا لأن أغلبية المسلمين الآذريين هم من الشيعة”، أما في حالة المرتزقة المرسلين إلى طرابلس فقد تم اللعب على العاطفة الدينية لدى الشباب السوري بضرورة التصدي لروسيا الكافرة التي تحارب ضد تركيا المسلمة.

الفئة العمرية للمجندين

استهدفت عمليات تجنيد المرتزقة المرسلين إلى أذربيجان شباب سوريين ولم يثبت وجود أطفال بين هؤلاء المجندين حتى الوقت الراهن، فقد ذكرت مصادر المرصد بأن عدد المرتزقة السوريين في ناغورني قره باغ يصل إلى ما لا يقل عن 2580 مرتزقًا عاد منهم 342 مقاتلًا، وقضى منهم نحو 240 بينهم 183 قتيل جرى جلب جثثهم إلى سورية فيما لا تزال جثث البقية في أذربيجان، فيما كانت القوات الأرمينية تمكنت من أسر 3 مقاتلين سوريين على الأقل، بعكس المرتزقة المرسلين إلى ليبيا، حيث أكدت تقارير أخرى للمرصد، أن تركيا تجند أطفالاً سوريين، أعمارهم دون سن الـ18 عامًا حيث يذهبون من إدلب وريف حلب الشمالي إلى عفرين بحجة العمل هناك، وبعضهم يذهب دون علم ذويه، ليتم تجنيدهم بعفرين من قِبل الفصائل الموالية لتركيا، التي بدورها ترسلهم إلى ليبيا، ضمن مجموعات المرتزقة لدعم حكومة الوفاق، وتزويدهم بهويات مزورة بمعلومات غير صحيحة عن تاريخ ومكان ميلادهم، وقد أكد المرصد أن تعداد المجندين الذين ذهبوا إلى الأراضي الليبية حتى الآن بلغ نحو 18 ألف مرتزقًا من الجنسية السورية من بينهم 350 طفلا دون سن الـ18، وعاد من مرتزقة الفصائل الموالية لتركيا نحو 9850 إلى سوريا، بعد انتهاء عقودهم.

 حالات العصيان والتمرد بين المرتزقة

ظهرت حالات الرفض والممانعة منذ بادئ الأمر فيما يتعلق بإرسال المرتزقة السوريين إلى أذربيجان بسبب الاختلاف المذهبي للدولة التي سيتم إرسال المرتزقة إليها، أما بالنسبة للمرتزقة المرسلين إلى ليبيا فقد شهد الأمر في بدايته تهافتًا وإقبالاً من المجندين، حتى أخلت تركيا بتعهداتها المادية تجاههم وكذلك تعهداتها الخاصة بحمايتهم، لاسيما مع تساقط عدد كبير منهم مابين قتلى وجرحى.

تبعات عمليات التجنيد

تشابهت إلى حد ما تبعات عمليات التجنيد التي تقوم بها تركيا للسوريين سواءً فيما يتعلق بإرسالهم إلى ليبيا أو أذربيجان، فكلا الفريقين اكتشف خديعة الجانب التركي له، حيث تنصلت تركيا من تعهداتها المالية لكليهما، فمن أذربيجان عاد 342 مقاتلًا إلى سوريا بعد أن تنازلوا عن كل شيء بما في ذلك مستحقاتهم المادية، وكذا المرتزقة في ليبيا لم تصرف لهم الرواتب التي وعدتهم أنقرة بصرفها، وكذا لم يحصلوا على أية امتيازات، ناهيك عن إلقاء القبض على المهاجرين غير الشرعيين منهم الذين تم إيقافهم في مياه المتوسط بالقرب من السواحل الأوروبية، وإعداد مخيمات إيواء لهم.

وبالتالي فإن عمليات تجنيد المرتزقة السوريين ما هي إلا خدمة للمصالح التركية في مناطق متباينة دون الاعتبار لحقوق هؤلاء المرتزقة الذين يتم استغلالهم وتجنيدهم ولا القوانين الدولية التي تجرم عمليات التجنيد والاستغلال.

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.