NORTH PULSE NETWORK NPN

نازحون يلجؤون لبيع ممتلكاتهم التي تقع ضمن مناطق سيطرة الحكومة السورية

نورث بالس – إدلب
بعد أكثر من عامين على نزوح مئات الآلاف من المدنيين من أرياف حماة وإدلب وحلب وتواجدهم ضمن مخيمات النزوح في الشمال السوري بعد سيطرت القوات الحكومية وحليفتها روسيا على مناطقهم، استاءت أحوالهم المعيشية بشكل كبير وقد أرهقتهم الخيام، فبدأ الكثير منهم يلجأ لبيع ممتلكاته الواقعة ضمن سيطرت القوات الحكومية ليستعين بثمنها على متطلبات المعيشة.
وقال مراسل “نورث بالس” نقلا عن مصادر محلية أن الكثير من النازحين لجأوا لبيع ممتلكاتهم وبأثمان زهيدة جداً لشراء منازل في الشمال السوري أو لإنشاء منازل اسمنتية لتحل مكان الخيام التي تغرق في الشتاء وتزيد من حرارة الشمس في الصيف أو من أجل شراء الاحتياجات اليومية.
ويجري بيع هذه الممتلكات عبر طريقتين، أولها هي البيع لأشخاص متواجدين حالياً ضمن مناطق سيطرة الحكومة السورية ولم يفضلوا النزوح، أو البيع لأشخاص هم نازحين لكنهم يشترون الممتلكات على أمل أن يعودوا مرة أخرى وتنسحب القوات الحكومية من المناطق.
كما أكدت المصادر، أن السعر دونم الأرض الواحد يتراوح ما بين مليونين إلى خمسة ملايين ليرة سورية.
أما أسعار المنازل تتراوح ما بين ثلاثة إلى 20 ألف دولار أمريكي وذلك على حسب المنزل ومساحته، وهذه الأسعار تعد أقل من نصف السعر الحقيقي للعقارات لكن وجودها ضمن مناطق سيطرة الحكومة وحاجة أصحابها لبيعها هو ما ساهم في انخفاض أسعارها لهذه الدرجة.
يقول طاهر العلي نازح من بلدة قلعة المضيق في ريف حماة الغربي لـ” نورث بالس”:”بعت منزلي المؤلف من أربعة غرف وقبو أرضي لأشتري قطعة أرض وابني عليها منزل لأخرج من هذه الخيمة الصغيرة” .
ويضيف: ” لاحظت أن هناك بيع للمنازل والأراضي الزراعية التي وقعت في مناطق سيطرة النظام فقررت بيع منزلي لأشتري أرض وأبني منزل صغير عليها”.
ويؤكد العلي، أن منزله يفوق سعره 20 ألف دولار أمريكي فهو عبارة عن اربعة غرف ومنافع إضافة لقبو أرض ومجهز بالكامل بأفضل المواد، لكنه باعه بسعر 11 ألف دولار أمريكي، وقد بدأ ببناء منزل صغير لينتقل إليه.
ومشيرا، أنه لم يعد لديه الأمل بالعودة لذلك باع منزله وبعد بيعه لم يعد لديه الرغبة بالعودة طالما أن منزله الذي بناه ووضع كل إمكانيته فيه قد ذهب، وبقي لديه قطعة أرض صغيرة مشجرة بأشجار الزيتون لا تتجاوز الخمسة دونمات ولا يستبعد بيعها بحال طالت فترة النزوح
أما ” إياد الدواس” وهو نازح آخر من مدينة معرة النعمان في ريف إدلب الجنوبي، في شهادته لـ ” نورث بالس” يقول إنه لم يكن يتخيل في يوم من الأيام أن يبيع منزله الذي ورثه عن والده وأمضى فيه طفولته وحياته.
ولكن بسبب الظروف القاسية نزح مع اسرته إلى أحد مخيمات بلدة كللي في ريف إدلب الشمالي ويقبع داخل خيمة صغيرة وقد طالها الغرق في الشتاء السابق وهي اليوم لم تعد صالحة للسكن.
مضيفاً، أنه باع منزله بمبلغ أربعة آلاف دولار أمريكي لأحد أقاربه في المدينة الذي فضل عدم المغادرة، ويتألف المنزل من غرفتين وقطعة أرض تحيطه وعدد من أشجار الحمضيات، وقد قام ببناء منزل صغيرة وسقفه بشوادر النايلون ليستمر في نزوحه ويقي نفسه استئجار منزل بعد غلاء إيجارات المنازل بشكل كبير.
واختتم الدواس حديثه: ” أجبرت على بيع المنزل وإلا كنت ضمن هذه الخيمة، ولن اتمكن من تحمل مصاريف المعيشة اليومية في ظل غلاء الأسعار وعدم وجود فرص للعمل”.
“سليمان خشان” وهو صاحب مكتب عقاري في بلدة أرمناز في ريف إدلب الشمالي، يتحدث لـ”نورث بالس” عن هذه الظاهرة وقانونية البيع وطرقه وكيف يتم، قائلاً: ” أن ظاهرة بيع العقارات الواقعة ضمن مناطق سيطرة النظام والتي يملكها نازحون في الشمال السوري، قد ازدهرت خلال النصف الأول من العام الجاري 2021 بشكل كبير بسبب حاجة مالكي هذه العقارات للبيع”.

ويضيف: ” يشتري هذه العقارات معظمها أشخاص ميسوري الأحوال المادية متواجدين في الشمال السوري أو تركيا ويتم البيع عبر مكتب عقاري وبعقد تنازل رسمي يوقع عليه البائع وذلك بعد تقديم دليل ملكيته للعقار والمشتري وشاهدين، ويتم نسخ العقد ويسلم نسخة منه للمشتري بينما تبقى نسخة منه لدى المكتب العقاري لضمان الحقوق مستقبلاً”.
ويشير خشان، أن من بين أكثر المناطق التي شهدت بيعاً للعقارات هي مدن وبلدات ريف حماة الشمالي، والمناطق البعيدة قليلاً عن نقاط التماس بين القوات الحكومية وفصائل المعارضة.
متابعا: “ولكن للأسف وجد فيها بعض تجار الأزمات مربحاً لهم وباتوا يشترون بكميات كبيرة، ويتمحور دورنا كمكاتب عقارية في تنظيم العقود والاشراف على البيع فقط “.
والجدير بالذكر، أن نحو مليون نازح حسب احصاءات غير رسمية توجهوا للشمال السوري خلال النصف الأخير من العام 2019 وبداية العام 2020 بعد سيطرة القوات الحكومية على مساحات شاسعة من ريفي حماة الشمالي والغربي وريف إدلب الجنوبي وريفي حلب الغربي والجنوبي.
كما يقبع غالبيتهم حالياً ضمن مخيمات النزوح المنتشرة على الحدود السورية التركية ضمن أوضاع معيشية متردية.
إعداد: أيمن عبد الرزاق

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.