NORTH PULSE NETWORK NPN

كورونا يقتل محمّد مخلوف.. الشريك الاقتصادي في نكبة سوريا

نورث بالس
تختزل شخصية محمد مخلوف، خال الرئيس السوري بشّار الأسد، جانبا لا بأس به من قصة نصف قرن من عمر سوريا، من السنة 1970 إلى السنة 2020، وهي السنة التي شهدت الطلاق العلني بين عائلتين أوصلتا سوريا إلى المصير المأساوي الذي وصلت إليه الآن.
كان محمد مخلوف الشخص، الذي سيطر على معظم الاقتصاد السوري واحتكره في مرحلة معيّنة، شريكا، من الزاوية الاقتصادية بالنكبة التي حلّت بسوريا، قبل أن يأخذ ابنه رامي على عاتقه تقنين هذه السيطرة وتوسيعها لتشمل قطاعات مختلفة، تبدأ بالمصارف وتنتهي بالاتصالات والنفط والغاز، في عهد بشّار الأسد الذي بدأ في السنة 2000.
لم يكن محمّد مخلوف، الذي أعلنت وفاته أمس عن 88 عاما بعد إصابته بوباء كورونا، مجرّد شخص ربطته صلة عائلية بحافظ الأسد، الضابط العلوي الشاب الذي تزوّج من أنيسة مخلوف شقيقة محمّد بمباركة منه رغم اعتراض عائلة مخلوف. لولا محمّد مخلوف، لما كان حافظ الأسد الآتي من أسرة متواضعة ليتزوّج من أنيسة التي تنتمي إلى عائلة علوية وجيهة تمتلك موقعا خاصا بها في التراتبية المعتمدة في الطائفة، خصوصا أن حافظ كان من القرداحة ومن عائلة متواضعة يلجأ أفرادها إلى دخول السلك العسكري بغية التسلّق اجتماعيا.
حفظ حافظ الأسد الجميل لشقيق زوجته وعندما تولّى السلطة مكّنه من التحكّم بكل القطاعات المربحة في الاقتصاد السوري بدءا بشركة التبغ والتنباك. الأهمّ من ذلك كلّه، أن محمّد مخلوف كان يتولّى دور المحافظة على ولاء العلويين لحافظ الأسد، خصوصا عن طريق استرضاء كبار الضباط.
أكثر من ذلك، لعب دورا في غاية الأهمّية في توريث بشّار الأسد بعد مقتل شقيقه باسل في حادث سير في العام 1994. كان حافظ مخلوف، إلى جانب باسل الأسد لدى وقوع الاصطدام الذي أودى بحياة النجل الأكبر للرئيس السوري الراحل. لم يصب الضابط حافظ مخلوف بأذى في حادث السير الذي وقع مع اقتراب السيارة من مطار دمشق واصطدامها بحافة رصيف. أدى ذلك إلى مقتل باسل الأسد على الفور إثر ضربة تلقاها في الرأس.
مصاهرة تحولت إلى عداء
كان كلّ ما يتعلّق بالسياسة من اختصاص حافظ الأسد.. ومعظم ما يتعلّق بالاقتصاد من اختصاص محمّد مخلوف. في الواقع، كانت هناك شراكة بين العائلتين اللتين أصبحتا عائلة واحدة، خصوصا في ظلّ العلاقة بين رامي محمّد مخلوف وشقيقه حافظ من جهة، والرئيس السوري الجديد بشّار الأسد، الذي اعتمد في السنوات الأولى من عهده على محمّد مخلوف، من جهة أخرى.
مع مرور السنوات واشتداد الوضع الداخلي السوري تأزّما، ومع بروز أسماء الأخرس الأسد التي باشرت تلعب دورا محوريا في سوريا، تراجع دور آل مخلوف. تقدّم محمد مخلوف بالسنّ وتزوج من صبيّة مبتعدا عن عائلته الأصلية. كذلك بدأت تظهر خلافات في العمق بين بشّار وكلّ من رامي وحافظ مخلوف، خصوصا أنّ الثورة الشعبية التي انطلقت في العام 2011 استمرّت. بقي رامي في دمشق للدفاع عن مصالحه في وقت بدأت زوجة الرئيس السوري حملة تستهدف شركاته. أمّا حافظ مخلوف، الذي كان في فترة معيّنة مسؤولا عن أمن دمشق، ففضل الاعتكاف في موسكو. لم يعد إلى دمشق إلّا قبل أسبوع من وفاة والده بعدما أرسل إليها فريقا طبّيا روسيا.
لن يغيّر موت محمّد مخلوف شيئا في سوريا المنكوبة. لعب الدور المطلوب منه في تدمير الاقتصاد وتحويله في خدمة العائلتين. نجح في ذلك إلى حدّ كبير. جمع ثروة ضخمة يقدرها خبراء الشأن السوري بمليارات الدولارات. لكنّه فشل حيث نجح حافظ الأسد. فشل في توريث ابنه الأكبر الدور الذي لعبه طوال سنوات طويلة، في حين نجح حافظ الأسد في توريث ابنه بشّار. هل نجح فعلا في ذلك أم أن الفشل في المحافظة على سوريا الموحّدة وحمايتها هو ما سيتوج مرحلة حكم العائلتين ثم العائلة الواحدة في الأشهر أو السنوات القليلة المقبلة؟.
المصدر: صحيفة العرب

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.