سوريا بين الحسابات الإقليمية وخـ.ـطر الانهـ.ـيار الشامل
تشهد الساحة السورية تصعيداً خطيراً بعد تنفيذ إسرائيل سلسلة غارات جوية مكثفة خلال اليومين الماضيين، استهدفت مواقع عسكرية داخل الأراضي السورية.
هذه الضربات، التي جاءت وفق رواية إسرائيلية لمنع هجمات ضد قرى درزية في الجنوب، تحمل أبعاداً سياسية وعسكرية تتجاوز أهدافها المعلنة، وتُوجه رسائل مباشرة إلى كل من دمشق وأنقرة.
رسائل سياسية وعسكرية متعددة الأطراف
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أصدر أوامره بشن ضربات جوية دقيقة طالت مواقع تابعة لفصائل مسلحة مدعومة من الخارج، خصوصاً من تركيا، وفق الرواية الإسرائيلية.
وتقول مصادر إسرائيلية إن العملية جاءت ضمن استراتيجية وقائية لردع ما اعتبرته “مخططات متطرفة” تهدد أمن الجنوب السوري.
حملة تضليل إعلامي وتدخل إقليمي متزايد
تزامنت الغارات مع اتهامات موجهة للاستخبارات التركية بشن حملة تضليل إعلامي، تمثلت بنشر محتوى مسيء يهدف إلى إثارة الشارع السوري، وتبرير تدخلات عسكرية أو أمنية في الجنوب.
الرد الإسرائيلي كان سريعاً، عبر ضربة جوية وُصفت بأنها “رمزية واستراتيجية” قرب مواقع حساسة في دمشق، لإيصال رسالة واضحة بأن الجنوب خط أحمر.
ارتباك تركي وصمت سوري
جاء الموقف السوري الرسمي متحفظاً، بينما ساد الارتباك في الموقف التركي وسط أنباء عن انسحابات تكتيكية في بعض المناطق الجنوبية، وتخبط واضح في أداء الفصائل المسلحة المقربة من أنقرة.
في المقابل، أظهرت إسرائيل استعداداً واضحاً للتصعيد، حتى لو أدى إلى مواجهة إقليمية مفتوحة.
تحذيرات إسرائيلية ومواقف دولية
نتنياهو نقل موقفاً حاداً إلى الإدارة الأميركية، مفاده أن إسرائيل لن تسمح بتهديد أمن الطائفة الدرزية في الجنوب، وأن أي تحرك تركي قد يواجه برد عسكري مباشر، لا يستثني عناصر الأمن ويبدو أن الرسائل وصلت بسرعة، وسط تزايد المؤشرات على تصعيد دبلوماسي وميداني في آنٍ واحد.
بالتزامن مع هذه التطورات، رصدت منظمات حقوقية تصاعداً في وتيرة العنف ضد مدنيين في بعض المناطق السورية، خصوصاً الساحل ووسط البلاد.
وأشارت التقارير إلى وجود استهداف واضح لفئات معينة، ما يعزز المخاوف من وجود خطة لإحداث تغيير ديموغرافي واسع تحت غطاء الصراع الأهلي.
وفي كواليس مجلس الأمن، يدور صراع دبلوماسي حاد خلف ستار “العمل الإنساني”، بينما الحقيقة أن المفاوضات تسعى لترسيم حدود نفوذ جديدة في سوريا، وسط تغييب شبه تام لإرادة الشعب السوري ومطالبه.
مفترق طرق خطير
يقف المشهد السوري اليوم عند مفترق طرق مفصلي، حيث تتقاطع الحسابات الإقليمية والدولية مع هشاشة الداخل، وتتعاظم احتمالات الانزلاق نحو سيناريوهات قاتمة: من التفتيت الصامت، إلى إعادة رسم الجغرافيا الطائفية، وصولاً إلى مواجهة محتملة بين إسرائيل وتركيا، وربما دخول قوى كبرى على خط الصراع.
وفي خضم كل ذلك، يبقى الشعب السوري، بكل أطيافه، هو الضحية الأكبر في لعبة أمم لا ترحم.
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.