وزارة الطاقة لدى سلطة دمشق تتجاهل سدود الفرات في مباحثاتها مع تركيا
صرَّح حامد اللواش (الرئيس المشترك لهيئة الطاقة في مقاطعة الرقة) السبت الفائت “أنَّه تمَّ إخطار الهيئة من قِبل إدارة سد الفرات، بتخفيض ساعات تغذية الكهرباء الواردة إلى المقاطعة، وفي عموم إقليم شمال وشرق سوريا، بسبب نقص منسوب مياه نهر الفرات، وخروج سد تشرين عن الخدمة”. وأضاف اللواش، أنَّ برنامج تشغيل التيار الكهربائي في مدينة الرقة يتراوح بين 12ميغا و25 ميغا، وهي غير كافية، مُضيفاً أنَّ المجلس التنفيذي في مقاطعة الرقة وضع خططاً لتلافي هذا النقص. والاسبوع الماضي حذرت هيئة الطاقة في الإدارة الذاتية من تفاقم أزمة مياه نهر الفرات بعد انخفاض مستوى مياه بحيرة سد الفرات إلى ما يقارب 6 أمتار. وأوضحت أنه بسبب قلة المياه الواردة من الجانب التركي، والمقدرة حاليا بـ 250 متر مكعب، إلى جانب الأضرار التي لحقت بسد تشرين نتيجة الأعمال العدائية من قبل دولة الاحتلال التركي ومرتزقتها، بالإضافة إلى عدم إعادة ربط السد بالشبكة العامة بعد عودته للخدمة بسبب الأعطال في شبكات التوتر العالي، كلها عوامل أدت إلى تفاقم الوضع المائي والكهربائي في المنطقة.”
ويعاني شمال سوريا، وشمال وشرق سوريا من أزمة كهرباء متفاقمة منذ بدايات الأزمة السورية، نتيجة الدمار الذي لحق بالبنية التحتية للمنشآت والمحطات الكهربائية جراء المعارك وعمليات القصف، والعوامل المناخية، بالإضافة إلى عامل آخر ويبدو أكثر تأثيراً، يتمثل بالسياسة العدوانية التركية تجاه منشآت ومحطات الكهرباء في شمال وشرق سوريا حيث شنت سلسلة هجمات جوية عليها أخرجت الكثير منها من الخدمة، كما وأقدمت على خفض منسوب نهر الفرات بشكل أثر على فعالية عمل عنفات توليد الكهرباء داخل السدود المقامة عليه، مما تسبب بأزمة طاقة كهربائية في مقاطعات الفرات والطبقة والرقة وريف حلب الشرقي، الأمر الذي ترك آثاراً سلبية على الخدمات المدنية وقطاعات الزراعة والصناعة وضخ المياه لأكثر من 6 ملايين مواطن يقطنون ضفتي النهر. وفي المناطق المحتلة من الشمال السوري تم منع إنشاء بنية تحتية لمنشآت كهربائية وبدلاً من ذلك تم بيع الكهرباء لأهالي تلك المناطق من شركات خاصة تركية.
وفي السياق، وأوضحت رشا الخضر (الإدارية في هيئة الطاقة ) أن “منسوب بحيرة الفرات بلغ 298.32 متر عن سطح البحر، في حين من المفترض أن يكون 304 متر، وهو انخفاض كبير يقدر بأكثر من 5.5 أمتار عن المنسوب الطبيعي، مما يشير إلى نقص مائي يقدر بنحو 4 مليارات متر مكعب”، وحذرت “في حال استمرار انخفاض الوارد المائي وتوليد الطاقة بالوتيرة نفسها، فإن سد الفرات مهدد بالخروج عن الخدمة خلال فترة قريبة قد لا تتجاوز الشهر…”
وأبرز ما اقترحته هيئة الطاقة في بيان لها بداية الشهر الجاري، هو “التدخل الفوري والإيجابي من قبل الحكومة في دمشق عبر القنوات الرسمية للضغط على تركيا لوقف الاعتداءات وضمان تمرير الكمية المتفق عليها من المياه، والبالغة 500 متر مكعب في الثانية، بموجب البروتوكولات السابقة بين سوريا وتركيا والعراق” بالٱضافة إلى تأمين مصادر طاقة بديلة لتخفيف الضغط على السدود، مثل إرسال كمية من الكهرباء من المحطات الحرارية في الداخل السوري. إلا أن السياسة الحالية لسلطة دمشق تبدو بعيدة عن هذا المسار، حيث تبدي تجاهلاً واضحاً لهذا القطاع على الرغم من اعتماد مناطق كثيرة في نطاق سيطرتها على الكهرباء الواردة من السدود التي تديرها الإدارة الذاتية.
كما وتبدو سلطة دمشق متجاهلة تماماً لدعوات الإدارة الذاتية من اجل التعاون في دعم قطاع الكهرباء في شمال وشرق سوريا، وتتخذ مساراً آخر، حيث أكد محمد البشير (وزير الطاقة لدى سلطة دمشق) لوكالة “سانا” التابعة للسلطة أن حكومته ستوقع قريباً اتفاقية لاستجرار الكهرباء من تركيا عبر خط بجهد 400 كيلو فولت، وسيربط بين الريحانية ومنطقة حارم بريف إدلب، وسيتم عند إتمامه نقل حوالي 80 ميغاواط من الكهرباء إلى شمال سوريا، عبر مركز تحويل على الجانب التركي، إضافة إلى العمل على خط غاز طبيعي بين كيليس التركية ومدينة حلب، من المفروض أن ينقل 6 ملايين متر مكعب من الغاز يومياً لمحطات توليد الكهرباء في سوريا. ودعا البشير الشركات التركية إلى الاستثمار في جميع مجالات الطاقة في سوريا، بما فيها إعادة تأهيل خطوط الكهرباء ومحطات توليد الطاقة..
يفسر بعض المراقبين تهميش سلطة دمشق مسألة التعاون مع الإدارة الذاتية لحل أزمة الكهرباء في سوريا كنتيجة لفشل رهانها في السيطرة على سد تشرين بالاعتماد على هجمات القوات التركية ومرتزقتها، خاصة بعد الاتفاق الذي أبرمته قوات سوريا الديمقراطية (قسد) مع ممثلين عن سلطة دمشق وبرعاية من التحالف الدولي والذي ألزم جميع الأطراف بتحييد السد عن الأعمال القتالية، الأمر الذي عده كثيرون بمثالة اعتراف غير مباشر بانتصار قسد في معارك تشرين. بالإضافة إلى عدم قدرة سلطة دمشق على ما يبدو التفكير بعقلية الحكومة الوطنية، حيث لا تزال سياسة إخضاع جميع السوريين شرط لرضا هذه السلطة…
نورث بالس
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.