عيش الساحة السورية مجدداً على وقع تصاعد التوتر بين هيئة تحرير الشام بزعامة أبو محمد الجولاني، وفصائل من جيش الإسلام، في ظل تحركات متفرقة تشهدها بعض مناطق ريف دمشق، ولا سيما مدينة دوما، ما يعيد إلى الأذهان سنوات الصراع الأولى بين الفصيلين.
وتعود جذور الخلاف بين الطرفين إلى عام 2015، حين كان “جيش الإسلام” بقيادة زهران علوش أحد أبرز التشكيلات العسكرية في الغوطة الشرقية، متلقياً دعماً مباشراً من السعودية بهدف الضغط على النظام السوري في محيط العاصمة. في المقابل، برزت “جبهة النصرة” – الاسم السابق لهيئة تحرير الشام – كقوة موازية ذات توجه مختلف، ما ولّد حالة من التنافس الحاد على النفوذ داخل مناطق المعارضة.
بعد مقتل زهران علوش أواخر عام 2015، دخلت العلاقة بين الطرفين مرحلة من الشك والاتهامات المتبادلة، إذ اعتبرت بعض قيادات “جيش الإسلام” أن “النصرة” استفادت من غيابه لتوسيع نفوذها، فيما سعت الهيئة إلى تقديم نفسها كقوة مركزية توحّد الفصائل تحت رايتها. ومع مرور الوقت، تفاقمت الخلافات بعد انتقال “تحرير الشام” إلى إدلب، وشنها عمليات ضد فصائل معارضة أخرى، ما زاد الهوّة مع “جيش الإسلام” الذي رأى في تلك التحركات سعياً للهيمنة المطلقة على القرار العسكري المعارض.
وفي الفترة الأخيرة، عادت التوترات إلى الواجهة بعد الزيارة التي أجراها الجولاني إلى موسكو، وما تبعها من انتقادات في أوساط الفصائل المعارضة. بالتوازي مع ذلك، تحدثت مصادر محلية عن تحركات محدودة في ريف دمشق يُعتقد أن وراءها مجموعات من أنصار “جيش الإسلام”، في إشارة إلى رفضهم المتنامي لسياسات “تحرير الشام” وخطها السياسي الراهن.
من جهة أخرى، نفذت أجهزة الأمن التابعة لهيئة تحرير الشام حملة اعتقالات طالت عدداً من الشخصيات في مدينة دوما، تزامناً مع تقارير عن انفجارات متفرقة في دير الزور ودرعا نُسبت إلى فصائل معارضة سابقة على خلاف مع الهيئة. هذه التطورات تشير إلى أن الصراع بين الطرفين لم يُطوَ تماماً، بل ما يزال قابلاً للعودة في أي لحظة.
تُشير التحليلات إلى أن حالة التململ داخل صفوف المعارضة السورية تُنذر بإمكانية إعادة رسم خريطة التحالفات، خصوصاً في ظل الانقسامات الأيديولوجية والعسكرية التي تفصل “تحرير الشام” عن بقية الفصائل، ويُرجح أن تشهد المرحلة المقبلة مزيداً من التصعيد الإعلامي وربما الأمني، ما لم تُتخذ خطوات جادة لاحتواء التوتر المتصاعد بين الجانبين.
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.